سورة لقمان
مكية ، وقيل : إلا قوله : (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ؛ لأن الزكاة فرضت بالمدينة ، وهو ضعيف ؛ لأن الحق تعالى يخبر بالشيء قبل وقوعه كما تحقق وقوعه. وآياها : أربع وثلاثون ، أو ثلاث وثلاثون. ومناسبتها لما قبلها قوله : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ ..) (١) مع قوله : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) ؛ إذ هو القرآن العظيم. (وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ) (٢) وهنا : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) (٣). قيل : وسبب نزولها أن قريشا سألت عن قصة لقمان مع ابنه ، وعن بر والديه ، فنزلت. قال تعالى :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥))
قلت : (هُدىً وَرَحْمَةً) : حالان من الآيات ، والعامل : معنى الإشارة. ورفعهما حمزة على الخبر لتلك بعد خبر ، أو : خبر عن محذوف ، أي : هو ، أو : هى هدى. والموصول : نعت للمحسنين ؛ تفسير لإحسانهم ، و (هم) : مبتدأ ، و (يوقنون) : خبر. وتكرير الضمير ؛ للتوكيد ، ولما حيل بينه وبين خبره.
يقول الحق جل جلاله : (الم) ؛ أيها المصطفى المقرب ، (تِلْكَ) الآيات التي تتلوها هى (آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) أي : ذى الحكمة البالغة ، أو : الذي أحكمت آياته وأتقنت ، أو : المحكم الذي لا ينسخه كتاب. أو : المصون من التغيير والتبديل. حال كونه (هُدىً وَرَحْمَةً) ؛ هاديا لظواهرهم بتبين الشرائع ، ورحمة لقلوبهم بتبين حقائق الإيمان ، ولأرواحهم بإظهار حقائق الإحسان. وقد تقدم هذا البيان فى قوله : (إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا) (٤) الآية. ولذلك خصه بقوله : (لِلْمُحْسِنِينَ) ، فإنما يكون هدى ورحمة لأهل الإحسان ؛ لأنهم هم الذي
__________________
(١) من الآية ٥٨ من سورة الروم.
(٢) من الآية ٥٨ من سورة الروم.
(٣) من الآية السابعة من سورة لقمان.
(٤) من الآية ٩٣ من سورة المائدة.