(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الموجودات ، خلقا وملكا وتصرفا ، وإيجادا وإعداما ، بدءا وإعادة ، و «ألا» : تنبيه على أن لا يخالفوا من له ما فى السموات والأرض. (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) أيها المكلّفون ، من الأحوال والأوضاع ، التي من جملتها الموافقة والمخالفة ، والإخلاص والنفاق. وأدخل «قد» ؛ ليؤكد علمه بما هم عليه ، ومرجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد. والمعنى : أن جميع ما استقر فى السموات تحت ملكه وسلطانه وإحاطة علمه ، فكيف يخفى عليه أحوال المنافقين ، وإن اجتهدوا فى سترها؟! (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) أي : ويعلم يوم يردون إلى جزائه ، وهو يوم القيامة. والخطاب والغيبة فى قوله : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) يجوز أن يكون للمنافقين ، على طريق الالتفات ، ويجوز أن يكون (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) عاما ، و (يُرْجَعُونَ) للمنافقين. (فَيُنَبِّئُهُمْ) حينئذ (بِما عَمِلُوا) من الأعمال السيئة ، التي من جملتها : مخالفة الأمر ، ليرتب على ذلك الإنباء ما يليق به من التوبيخ والجزاء.
(وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء. روى عن ابن عباس رضي الله عنه : أنه قرأ سورة النور على المنبر فى الموسم ، وفسرها على وجه لو سمعته الروم لأسلمت. ه. وأما ما ورد فى فضل السور فموضوع ، وقد غلط من ذكره من المفسرين. وبالله التوفيق.
الإشارة : شيوخ التربية خلفاء الرسول صلىاللهعليهوسلم فى القيام بالتربية النبوية ، فيجب امتثال كل ما أمروا به ، واجتناب كل ما نهوا عنه ، فهم معناه أو لم يفهم. فإذا كانوا مجموعين على أمر جامع لم يذهب أحد حتى يستأذن شيخه ، ولا يكفى إذن بعض الفقراء ، إلا إن وجّهه الشيخ لذلك ، فلا يكون دعاء الشيخ كدعاء بعضكم بعضا فى التساهل فى مخالفة أمره ، أو امتثال أمره. قد يعلم الله الذين يتسللون ، فيفرون عنه ؛ لواذا ، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة ؛ كتسليط الدنيا عليه فتفتنه وتنسخ حلاوة الشهود من قلبه ، أو يصيبهم عذاب أليم ، وهو السلب بعد العطاء ، والعياذ بالله من الزلل ومواقع الضلال. نسأل الله تعالى أن يثبت قدمنا على المنهاج الحق ، وأن يميتنا على المحبة والتعظيم ، ورسوخ القدم فى معرفة الرحمن الرحيم. آمين. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد ، النبي الكريم ، وعلى آله وصحبه ، وسلم.