نفس هذا الأمر في بداية خلق الإنسان ، فإنّ العناصر المنبثقةَ في عالم الطبيعة اجتمعت بقدرة الله ووجد منها الإنسان (والوقوع أفضل دليل على الإمكان).
* * *
إنّها أساطير فحسب :
ورد ذكر هذا الإدّعاء في الآية الرابعة مع بعض الإضافات الاخرى ، قال تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواءَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤنَاءَإِنَّا لُمخْرَجُونَ* لَقَدْ وُعِدْنَا هذَا نَحْنُ وَآبَاؤنَا مِن قَبْلُ إِنْ هذَا إِلّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١).
يفهم من هذا التعبير أنّ مسألة المعاد وبالتحديد المعاد الجسماني لم تكن من مختصات القرآن والشريعة الإسلامية فحسب ، بل ممّا أخبر عنه الأنبياء المتقدمون أيضاً ، ولكن للأسباب التي سوف نذكرها لاحقاً ـ إن شاء الله ـ لم يخضع متكبِّرو الامم للحق أبداً ، وكانوا يعتبرونه أمراً خرافياً واسطورياً بعيداً عن العقل والمنطق ، فالآية الشريفة ذكرت أنّ هؤلاء تمسّكوا بأمرين لانكار المعاد :
الأول : أنّ عودة الحياة للتراب تبدو أمراً مستبعداً.
والثاني : بما أنّ جميع الأنبياء السابقين وعدوا الامم السالفة ولم يتحقق وعدهم أبداً ، فهذا دليلٌ على أنّ هذا الأمر اسطورة وخرافة لا غير ، (وكأنّهم يتوقعون بأنّ القيامة يجب أن تتحقق على الفور وإلّا فهي كذب وافتراء).
* * *
__________________
(١) «اساطير» جمع «اسطورة» ويرى بعض اللغويين أنّها جمع «أسطار» وهي بدورها جمع «سطر» بمعنى الشي المدوّن كذباً ، وقال البعض أيضاً : بما أنّ «اسطورة» من الصّيغ «المزيد فيها» فإنّها تدل على زيادة في السطر المعهود ، ولذا اعتبروها بمعنى «السطر المنّمق» ، ومهما يكن من أمر فإنّ الاسطورة بمعنى المقولة الباطلة الخرافية التي لا أصل لها. (مقاييس اللغة ـ المفردات ـ مصباح اللغة ـ التحقيق).