السؤال الآخر الذي طرح في مورد هذه الآية إنّ كل «أول» يجب أن يكون له «ثانٍ» فعلى هذا كيف يمكن أن لا يتلو «الموت الأول» «موت ثانٍ»؟
والجواب على هذا السؤال واضح ، وهو أنّه ليس من الضروري أن يكون لكل أولٍ ثانٍ ، فمثلاً لو نذر الإنسان على نفسه أن يسمّي أوّل ابنٍ يهبه الله له «محمداً» ، فمن الممكن أن لا يهب الله له إلّاذلك الابن ، أو أن ينذر لله على نفسه أن يهدي أوّل كتاب يؤلفه إلى أبيه ، ومن الممكن أن لا يؤلّف كتاباً غيره ، ونحن نعلم أيضاً أنَّ أحد أسماء الله تعالى هو الأول مع أنّه لايوجد هناك إلهٌ ثان.
نتيجة البحث :
تعرفنا من خلال الآيات السبع المذكورة والآيات الاخرى المقاربة لها على منطق منكري المعاد وبالأخص اولئك الذين عاصروا نزول القرآن ، ويمكن تلخيص اقوالهم في مجال إنكار المعاد الجسماني غالباً في عدّة جمل ادّعائية :
كيف يمكن للعظام الرميم أن تلبس ثوب الحياة من جديد؟
كيف يمكن لِلَحْمِنا وعظامنا التي تحولت إلى تراب وتفرقت عناصرها في كل صوب وتحللت واختلطت بالأرض وتلاشت أن تجمع ثانية وتدبَّ فيها الحياة من جديد؟ أليس هذا افتراء على الله أو من علائم الجنون؟!
لا يوجد هناك غير هذه الحياة الدنيا وهذا الموت ، فهل قام أحد من مرقده كي نصدق هذا الادّعاء؟ إنّ هذا الإدعاء لا أساس له وهو أمرٌ عجيب وغير ممكن فلا يمكن تصديقه!
إنّ هؤلاء المنكرين الغرورين الذين لم يتأملوا حتى في خلقهم الأول ، ولم يعوا نماذج الحياة بعد الموت التي يشاهدونها باستمرار في حياتهم ، وهؤلاء الذين يعتمدون على الادّعاءات الواهية ، لا شيء إلّامن أجل العناد والحميّة لا يختصون بذلك الزمان فحسب ولا بأيّ زمانٍ معيّن ، فنحن في هذه الأيّام أيضاً نسمع مثل هذه الأقاويل على لسان أفراد آخرين من الذين حشروا أنفسهم بين الفلاسفة والعلماء.