فكيف يعجز عن إحياءِ الموتى الهٌ قادر على الإتيان بخلقٍ كهذا وتطورات كهذه؟ وهكذا اعتُبرتْ قدرة الحق المطلقة دليلاً على إثبات إمكان إحياء الإنسان ثانياً.
ولكن يبقى هناك احتمال أيضاً هو أنّ الآية المذكورة دليل على النشأة الأولى للإنسان ، وقياس عقلي لإثبات الخلق المستأنف على الخلق الأول ، ففي هذه الصورة تكون الآية في عداد الآيات المذكورة سابقاً ، وعلى أيّ تقدير تكون دليلاً على نفس المدّعى.
يبقى هناك تساؤل وهو : كيف أمر القرآن الكريم البشر بالسير في الأرض لاكتشاف أسرار ظهور الحياة عليها ، مع أنّ بداية ظهور الحياة على هذه المعمورة تعود إلى مليارات خلت من السنين ولا يمكن مشاهدتها في هذا اليوم؟ والجواب عن هذا التساؤل يتضح بصورة جليّةٍ من خلال التفسير الذي ذكرناه لهذه الآية آنفاً ، فقد ذكرنا فيما سبق ثلاثة أجوبة عن هذا التساؤل «فتأمل».
والجدير بالذكر التعبير عن المعاد هنا بـ «النشأة الآخرة» و «نشأة» كما قال الراغب : هي بمعنى إيجاد وتربية الشي ، وهذا يدلّ على أنّ في يوم القيامة يوجد خلق جديد وتربية جديدة أيضاً.
* * *
ثمرة البحث :
هذا القسم من الآيات بمثابة تذكُّر لمنكري المعاد ، لعلهم يعون قدرة الله المطلقة ، فتقول لهم : فإن لم تؤمنوا فألقوا بنظرة فاحصة على عالم خلق السماوات والنجوم الثابتة والكواكب السيارة والمجرات والمنظومات السماوية ، ثم انظروا إلى الأرض ولما تحتويه من عجائب وأسرار وإلى النظام المهيمن عليهما جميعاً.
فهل في ذلك شك بعد مشاهدة كل هذه الدلائل؟ وهل يمكنكم أن تنكروا قدرة الله المطلقة؟! فإن آمنتم بقدرته المطلقة فكيف تشكّون في مسألة المعاد وإحياء الموتى وتعتبرون ذلك من الامور العجيبة التي لايمكن التصديق بها؟!
* * *