٤ ـ التطورات الجنينية
تمهيد :
الطريقة الاخرى التي اتبعها القرآن في إثبات إمكان المعاد بالاستفادة من آيات متعددة هي طريقة التغييرات التي تطرأ على «النطفة» مند استقرارها في عالم «الرحم» العجيب والغامض حتى مرحلة الولادة ، وكل مرحلة من هذه المراحل في الحقيقة هي حياة جديدة ونموذج من نماذج المعاد! فالمراحل الكيفية لهذه التطورات كثيرة جدّاً ، ممّا تثيرُ مطالعتها ومشاهدتها تعجّبَ الإنسان وتجعله يغرق في التمعّن في كيفية هذا التحول العجيب الذي يطرأ على النطفة الحقيرة في هذه المدّة الوجيزة.
من هنا تعتبر هذه التحولات العجيبة التي لا تتوقف في أي وقت دليلاً على وجود باري هذا العالم القادر ، الذي أوجد جميع هذه العجائب في ظلمات الرحم الثالث ، ومن ناحية اخرى فإنّ هذه التحولات لها شَبَهٌ كبير بمسألة الحياة بعد الموت ، والقرآن المجيد في كلا الأمرين (التوحيد والمعاد) يعتمد على هذه الآيات والدلالات ، وحقاً إنّ مثل هذه الظاهرة تستحق أن يُعتمدَ عليها بهذا الشكل.
بعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن المجيد ونمعن خاشعين في الآيات التي وردت في هذا المجال :
١ ـ (يَا ايٌّهَا النَّاسُ إِنْ كُنتُمْ فِي رَيبٍ مِّنَ البَعْثِ فَانَّا خَلَقنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرٌّ فِي الْارْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى اجَلٍ مُّسَمّىً ثُمَّ نُخرِجُكُمْ طِفْلاً ...* ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقٌّ وَانَّهُ يُحىِ المَوْتى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ). (الحج / ٥ ـ ٦)