الأرض الميّتة بواسطة المطر فيضيف تعالى قائلاً : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْىِ الْمَوْتَى وأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شىءٍ قَدِيرٌ).
فهو يسلّط الأضواء على البعد التوحيدي لهذه الظواهر المهمّة للوجود حيناً ، ويُسَلِّطُ الأضواء على بُعد المعاد حيناً آخر.
وفي هذه الآية توجد إشارات دقيقة ولطيفة تساعدنا على التوصّل إلى هذه الغايات وهي :
١ ـ مع أنّ منكري المعاد يقطعون بنفي المعاد إلّاأنّ القرآن يخاطبهم بالقول : (إن كنتم في ريبٍ ...) وهنا يدل على أنّه لا يوجد هناك أيّ دليل على إنكار هذه الحقيقة ، وأكثر ما هنالك هو أنّكم من الممكن أن ترتابوا في أمر المعاد ، ومن الواضح أنّ المرتاب ما عليه إلّاالفحص والتحقيق لا الانكار!.
والجدير بالذكر هنا أنّ «ريب» جاءت بصورة النكرة ، وفي هذه الموارد تأتي لبيان حقارة الأمر ، أيْ إنَّ شكّكم في هذا المجال هو شكٌّ سقيم ولايُعتدُّ به أيضاً ، لأنّ أدلةَ المعادِ نشاهدها جليّة التردّد.
٢ ـ قد يكون شروع الآية بالحديث عن خلق الإنسان من التراب إشارة إلى خلق آدم عليهالسلام أو جميع الناس منه ، لأنّ أصل المواد التي تشكل القسم المهم من جسم الإنسان من التراب ، وعلى أيّة حال فإنّ خلق الإنسان من تراب دليل واضح على إمكان إحياء الموتى.
٣ ـ الحديث في هذه الآية كان أولاً عن خلق الإنسان من التراب ، وبعد ذلك تحدثت الآية عن مسألة «البلوغ الجسمي والروحي» ثم عن «الكهولة والمشيب» فيصبح عدد تلك المراحل المختلفة سبع مراحل ، وإنْ كان هدفنا هو المراحل الخمس الاولى التي تمثل كل واحدة منها حياة جديدة وولادة جديدة ومنظر من المعاد.
٤ ـ وجملة «لنبيّن لكم» يمكن حملها على محملين ، فمن الممكن أن يكون المراد من البيان هو بيان علم وقدرة الخالق ومسألة التوحيد ، كما أنّه من الممكن أن يكون المراد هو بيان مسألة المعاد أي الحياة بعد الموت.