٥ ـ المعاد في عالم الطاقة
تمهيد :
عندما تموت الكائنات الحية في هذا العالم المترامي الاطراف تُخَلِّف وراءها دائماً بقايا وآثاراً ، لكن بالنسبة لتبدد الطاقة فالأمرُ عجيب ، لأنّها في الظاهر عندما تتلاشى تفنى كلياً فلا يبقى لها أيّ اثر ، فلو لاحظنا الشمس كمثال لكلامنا هذا لوجدنا ضوءها وحرارتها هما عبارة عن طاقة تبعثها نحو كرتنا الأرضية والسيارات الاخرى التابعة للمنظومة الشمسية ، وبعد انحسار الإشعاع تفنى تلك الطاقة ولايبقى لها ايّ أثر ، وإذا لم يستمر مصدر الإشعاع أي الشمس على إرسال الأشعة ، فإنّه سوف لن يبقى أثر للنور والضوء وتفنى الحرارة.
لكنّ العلم الحديث أثبت بأنّ الطاقة أيضاً لا تفنى بالكامل ، بل تَكمُن وتتحوّل من حالة إلى اخرى ، وعندما تتوفر الظروف المناسبة فإنّها تعود ثانياً وتُبعث من جديد بصورة عظيمة.
المثير للدّهشه هو أنّ القرآن المجيد من أجل إثبات مسألة إمكان المعاد يعتمد على هذه المسألة ، ويتخذ من تحوُّل الطاقة الضوئيِة والحرارية في هذا العالم دليلاً على القيامة العظمى الحاصلة للبشر في العالم الآخر.
وبعد هذه الإشارة الوجيزة نذهب إلى آيات القرآن ونتأمل فيها خاشعين كي تتّضحَ لنا تلك الحقيقة :
١ ـ (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَا اوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ* الَّذِى جَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُمْ مِّنهُ تُوقِدُونَ). (يس / ٧٩ ـ ٨٠)
٢ ـ (افَرَأَيتُمُ النَّارَ الَّتِى تُورُونَ*ءَأَنتُم أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا امْ نَحْنُ المُنشِئُونَ* نَحنُ جَعَلنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلمُقوِينَ). (الواقعة / ٧١ ـ ٧٣)