(وَكَذلِكَ اعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَارَيْبَ فِيَها). (الكهف / ٢١)
نستفيد بوضوح من هذا التعبير بأنّ أحد الأهداف المتوخّاة من هذا السبات العجيب والطويل الذي له شبه كبير بالموت هو أنّ هذه الحادثة تعتبر درساً لجاحدي المعاد أو للذين ينتابهم الشك والترديد في هذا المجال.
ويعين على ذلك بالخصوص مااستنبطوه من جملة : (اذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) ، من أنّ الناس اختلفوا في ذلك الزمان في مسألة المعاد (المعاد الجسماني) فالمخالفون كانوا يسعون لمحو آثار قصة أصحاب الكهف كي يسلبوا هذا البرهان القاطع من أيدي المؤمنين بالمعاد (لقد احتملوا في تفسير هذه الجملة احتمالات جمّة ، وماقلناه هو أحد هذه الاحتمالات).
وقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره خمس احتمالات اخرى في تفسير هذه العبارة ، منها الاختلاف في عدد أصحاب الكهف ، ومنها الاختلاف في أسمائهم أو في مدّة نومهم وفي مسألة المعبد الذي شُيّد بالقرب من الغار هل كان على غرار معابد المشركين أو معابد الموحّدين (١).
فالآيات الواردة في هذه السورة من القرآن صرحت بوضوح بأنّ مدّة نومهم امتدّت إلى ثلاثمائة وتسع سنين : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِيْنَ وَازْدَادُوا تِسْعاً). (الكهف / ٢٥)
إنّ نوماً عميقاً كهذا يشبه الموت ، والنهوض بعده أشبه بالحياة بعد الموت بلا شك ، لذا فهو يصلح أن يكون نموذجاً حياً للمعاد من وجهة نظر التاريخ.
* * *
توضيحات
هناك حديث طويل يدور حول هذه القصة ، إلّاأنّ ما يتعلق بموضوع بحثنا هو عدّة امور :
__________________
(١) التفسير الكبير ، ج ٣١ ، ص ١٠٥.