أيضاً ، ففي مرحلة السبات تصبح الفعاليّات الحياتية بطيئة كثيراً وتتغذى تلك الحيوانات على الشحم الذي تدّخرة في أجسامها (١).
وليس غرضنا هنا التعرض لكيفية نوم أصحاب الكهف ، بل الغرض الرئيسي هو بيان أمرين :
الأول : هو أنّ نومهم بنحو الإجمال لم يكن نوماً طبيعياً ، على الأخص لو استندنا إلى ماقاله القرآن : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً). (الكهف / ١٨)
والأمر الثاني : هو أنّ القوانين الحاكمة على النوم المعتاد لا تنطبق على هذا النوع من النوم ، فمن المحتمل في هذا النمط من النوم أن تبلغ مسألة استهلاك الطاقة في البدن من الانخفاض حدّاً ينتفي معها موضوع التغذية كلياً.
* * *
٥ ـ قصة هزيمة بني اسرائيل
النموذج الآخر الذي ذكره القرآن الكريم هو القصّة الواردة في سورة البقرة بخصوص مجموعة مؤلفة من آلاف الأشخاص فرّوا حذر الموت وهجروا ديارهم ، لكن فرارهم هذا لم ينقذهم ، فوقعوا في مخالب الموت بإذن الله ، وبعد ذلك احياهم الله مرّة اخرى ، قال تعالى :
(الَمْ تَرَ الَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ الُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ). (البقرة / ٢٤٣)
ادّعى المفسرون بأنّ هؤلاء كانوا فريقاً من بني اسرائيل فرّوا من ديارهم خوفاً من الملاريا أو الطاعون ، لكنّهم ما برحوا حتى ماتوا بذلك الوباء فمرّ أحد انبياء بني اسرائيل ويدعى «حزقيل» ودعا الله عزوجل أن يمنّ عليهم بالحياة ، فأحياهم الله ليكونوا دليلاً على احياء الموتى (في مقابل جاحدي المعاد).
وجاء في بعض الروايات أنّ هؤلاء كانوا يسكنون احدى مدن الشام وكان الطاعون
__________________
(١) دائرة المعارف «فرهنگ نامه» مادّة (زمستان خوابي).