بالنسبة لقدرته ، فلا توجد هناك ضرورة لأنّ يولد «الموجود الحي» من موجود حيّ آخر ، بل يمكن أن تنبعث شرارة الحياة من تلاقي عضوين ميتين!
وجملة : (كَذلِكَ يُحىِ اللهُ المَوْتَى) تدلّ بوضوح على هذه الحقيقة وهو أنّ القتيل في هذه القصة قد عادت له الحياة واصبح نموذجاً محسوساً للدلالة على بعث البشر بعد موتهم.
ونواجه هنا أيضاً بعض الكُتّاب من أمثال مؤلف «المنار» الذي يصرّ على حمل جملة تامة الوضوح على خلاف ظاهرها من دون وجود أي قرينة عقلية أو لفظية على ذلك ، ومن دون أن تكون هناك أي ضرورة.
قال صاحب المنار : «يحتمل وجود سنّة لديهم وهي أنّهم كانوا إذا وجدوا قتيلاً بالقرب من أحد المدن ولم يعثروا على قاتله كان كل واحد منهم يغسل يده خلال طقوس معيّنة ليبرأ من القتل ، وكل من يمتنع من أداء ذلك فإنّهم يعتبرونه هو القاتل ، والمراد من احياء الموتى هنا هو حقن الدماء التي كانت تراق بسبب هذه الاختلافات أي أنّ الله حقن الدماء بواسطة هذا التشريع!» (١).
وكما أشرنا إلى ذلك سابقاً فإنّ هذه التفاسير هي نوع من التلاعب بالالفاظ تحط من شأن «كلام الله» وتفسح المجال لأنّ نستدل بكل الآيات على كل شيء وأن نحمل الألفاظ على الكناية والمجاز من دون وجود أي قرينة ، ومن غير أي مبرر لهذا العمل ، لأنّ المتدينين في كل الأحوال يؤمنون بالمعجزات والخوارق؟ فما هي الضرورة لهذا التكليف.
ونضيف أيضاً : إنّ انتخاب البقرة للذبح يحتمل أن يكون من أجل تقديم قربانٍ لله تعالى. أمّا مايتعلق بدوافع ارتكاب هذه الجريمة ، فقد جاء في الروايات أنّ شاباً قتل عمَّه من أجل الحصول على أمواله (أو من أجل أن يتزوج منه ابنته) على هذا يكون سبب تلك الجناية هو حب المال أو النساء (هذه هي الدوافع الرئيسية لارتكاب جرائم القتل في العالم) ، وتحتوي هذه الحادثة العجيبة وعلى الأخص تفاصيلها ـ على بنود تربوية كثيرة اعرضنا عن ذكرها لخروجها عن دائرة موضوع بحث المعاد ومن أجل الاطلاع راجع تفسير
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ١ ، ص ٣٥١.