١ ـ برهان الفطرة
المراد من برهان الفطرة هنا (كما هو المراد من الاستدال بالفطرة في جميع الموارد) هو أنّ الإنسان يرى في أعماقه عقيدة وإيماناً بحقيقةٍ ما ، ويشعر من خلال الإيمان بوجود عالم الآخرة والقيامة والعدالة الإلهيّة.
ولا ريب أنّ هذا المعنى يمكن توضيحه وبيانه بعدّة طرق ، وبعد شرح آيات القرآن المجيد سوف نتعرض لهذا الأمر في فصل التوضيحات ، والآن لنتأمل خاشعين في الآيات الكريمة التالية :
١ ـ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّيْنِ حَنِيْفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَاتَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذْلَكَ الَّدِيْنُ الْقَيّمُ). (الروم / ٣٠)
٢ ـ (لَااقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ* وَلَاأُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ* ايَحْسَبُ الْانسَانُ ألَّنْ نَّجْمَعَ عِظَامَهُ). (القيامة / ١ ـ ٣)
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
المعاد يكمن في أعماق الروح :
قد يحتمل البعض بأنّ الآية الاولى المذكورة أعلاه لا تشير إلّاإلى الفطرة التي تهدي إلى معرفة الله ، لكن التعمق في الآية يهدي إلى أنّ موضوع دلالتها عام ، وأنّها تعتبر الدين كله فطرياً ، بمعنى جميع الاصول الاعتقادية ، بل حتى عموم فروع الدين فطرية وأنّ الأحكام الشرعية موجودة في أعماق الفطرة بصورة إجمالية.