توضيح
هل يمكن للعاقل أن يعتبر الأيّام المعدودة من هذه الحياة هي الهدف من الخلق؟
إنّ ممّا لا ريب فيه أنّ العالم الذي نعيش فيه عظيم جدّاً ودقيق ومنظم ، فالكرة الأرضية هي إحدى كواكب المنظومة الشمسية ، ثم المنظومة الشمسية بدورها تعتبر أحد اجزاء المجرّة ، ومجرّتنا أيضاً واحدة من المجرّات اللامتناهية في العدد الموجودة في هذا العالم.
جاء في كتاب (جولة في أعماق العالم) لمؤلفه البروفسور «كارل فليسيس» الذي يسافر إلى أطراف هذا الكون الفسيح عبر أجنحة الخيال :
«إنّ هذه المجموعات الضخمة التي تدور حول محورها تسبح في الفضاء بفواصل عظيمة جدّاً ممّا يجعل تصورها أمراً عسيراً.
فكل واحدة من هذه المجرّات تتألف من عدّة ملياردات من النجوم ، والمسافة الفاصلة بين هذه النجوم تبلغ من العظمة حداً ، أحياناً يحتاج النور (مع مالديه من سرعة هائلة) لاجتياز هذه الفواصل الموجودة بين نجمتين متقابلتين واقعتين في محيط تلك المجرّة إلى مئات السنين من الزمان» (١).
وإذا أضفنا لهذا الكلام هذه الجملة وهي : إنّ علماء الفلك المعاصرين توصلوا من خلال تحقيقاتهم إلى أنّ ما تحتويه مجرّتنا من النجوم يقارب مائة مليارد نجمة على الأقل ، وما توصل إليه العلم الحديث هو اكتشاف ألف مليون مجرّة في هذا العالم ، ـ هذا من ناحية العظمة ـ.
وأمّا من ناحية الدقّة الموجودة في كل جزء من أجزاء هذا العالم فإننا إذا قارنّا الدقّة الموجودة في خلية واحدة بالدقّة الموجودة في مدينة صناعية كبيرة بجميع ما تحتويه من مصانع فسوف يمكننا حينذاك تصور هذه الدقّة.
ومن بين المخلوقات يعتبر الإنسان أكمل الموجودات التي نعرفها على أقل تقدير ، لما فيه من نظام خاص للروح وللجسم ، ولاحتوائه على العجائب والدقة والظرافة ، فإذا كانت
__________________
(١) جولة في أعماق العالم ، ص ٨.