جمع الآيات وتفسيرها
العدالة لا تتحقق بدون القيامة :
قال تعالى في الآية الاولى بعد أن أشار إلى ثواب المتقين العظيم في سورة القلم : (افَنَجْعَلُ الْمُسْلِميْنَ كَالُمجْرِمِيْنَ).
فهل من الصحيح المساواة بين هذين الفريقين؟ وهل تقتضيى العدالة ذلك؟ ثم أضاف وقال : (مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
لا يمكن للعاقل القبول بأنّ عاقبة المسلم والمجرم ، والمطيع والعاصي ، والعادل والظالم تكون واحدة ، أو أن ينسب هذا الأمر إلى الله الذي راعى الدقة والعدالة في جميع افعاله.
وهناك احتمالان للمفسّرين في تفسير هذه الآية :
الاحتمال الأول : إنّ هذه الآية تشير إلى مسألة المعاد ، لأننا نرى المسلم والمجرم متساويين غالباً في هذه الدنيا ، بل قد يحصل المجرم على امتيازات لا مشروعة في هذه الدنيا أكثر ممّا يحصل عليه المسلم ، إذن يجب أن يتفوق «المسلم» على «المجرم» في الآخرة ، لأنّها من مقتضيات العدالة.
الاحتمال الثاني : إنّ هذه الآية أتت جواباً لقوم مشركين كانوا يقولون : لو كانت هناك قيامة فإنّنا سوف نتمتع بظروف حسنة كما نحن عليه في هذه الدنيا كما يقال : (السَنَة الجيدة تعرف من ربيعِها) فأجابهم القرآن : هل من الممكن أن يساوي الله العادل بين المسلمين والمجرمين؟
ولا يوجد هناك منافاة بين هذين التفسيرين على الظاهر ، بل يمكن حمل مفهوم الآية كلا المعنيين ، وتبقى هناك ملاحظة وهي أنّ هذه الآية الشريفة تثبت حكم العقل بالحسن والقبح والإدراكات العقلية الاخرى بقطع النظر عن تأييد الشرع لذلك ، (فتأمل).
والملفت للنظر أنّ الفخر الرازي في بداية حديثه عدّ هذه الآية من أدلة ما نقل عن مذاهب أهل السنّة أنّه يجوز لله أن يُدخل العاصين الجنّة وأن يُدخل المطيعين النار ، «الحسن والقبح العقليين» قال : ويقبح بحكم العقل طبقاً للآية ولكن بما أنّ الرازي من