٥ ـ برهان الرحمة
تمهيد :
«الرحمة» : من صفات الله الواضحة والمعروفة ، ومن البديهي أنّ الرحمة تعني اعطاء الفيض والنعم لمن له القابلية والاستعداد لاستيعابها.
وبما أنّ الإنسان له كيان خاص وله روحٌ ولجت بدنه ببركة النفخة الإلهيّة فهو يمتلك الاستعداد للخلود وبلوغ الكمالات الرفيعة ، لذا فإنّ الله الموصوف بصفات الرحمن والرحيم لا يمكن أن يمنع النسان من هذا الفيض وهذه الرحمة ، ولن يقطع عنه فيضه ورحمته بسبب موته.
وهذا ما نسمّيه ب «برهان الرحمة» بعد هذا نعود إلى القرآن ونتأمل خاشعين في هذه الآية المباركة :
(قُلْ لِّمَنْ مَّا فِي السَّموَاتِ وَالْارْضِ قُل لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لَارَيْبَ فِيهِ). (الانعام / ١٢)
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
تنقسم هذه الآية في الحقيقة إلى أربعة أقسام : ففي القسم الأول ابتدأ سبحانه وتعالى بالاستفهام مخاطباً الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله فقال : (قُلْ لِّمَنْ مَّا فِي السَّموَاتِ وَالْارْضِ) ، ثم أضاف بلا فاصلة : «قُل لِلَّهِ» أيْ إنَّ أمراً كهذا لا يحتاج إلى مناقشة واستدلال.
وفي القسم الثاني قال تعالى : (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) (كي يشمل برحمته الواسعة ولطفه وعنايته اللامتناهية جميع العباد).