٦ ـ برهان الوحدة
تمهيد :
إنّ وجود الاختلاف في الآراء والأفكار من مميزات الحياة الدنيا ، حتى أنّ أصحاب المذهب الواحد غالباً ما ينقسمون إلى فرقٍ متعددة ذات عقائد مختلفة.
وهذا الاختلاف ينتقل أحياناً من المجتمع الكبير إلى الاسَر ، وترى كل واحد من أعضاء الاسرة يحمل عقيدة معيّنة ويدافع عن فكر معين.
لا شك أنّ كل إنسان يتألّم لوجود هذه الاختلافات في هذه الدنيا ، ويتمنى الجميع أن يأتي اليوم الذي تقلع فيه جذور جميع هذه الاختلافات.
ومن البديهي إنّ الذي خلق الإنسان من أجل التكامل والهداية سوف لن يحرمه من نيل هذه الأماني بمقتضى مقام ربوبيته ، وبما أنّ هذا الهدف لم يتحقق في هذه الدنيا ـ للأسباب التي سوف نطرحها فيما بعد وللشواهد الدالة على هذا المعنى أيضاً ، فإنّ رفع الاختلافات والوصول إلى الوحدة سوف يتحقق في الدار الآخرة.
فالقرآن المجيد أكّد كثيراً على هذا الأمر ، وهناك أكثر من عشر آيات في القرآن تشير إلى هذا الموضوع وهو أنّ إزالة الاختلافات لا تتمُّ إلّافي الدار الآخرة ، وإنّ الله تعالى سوف ينجز هذا الأمر.
بعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن لنتمعن خاشعين في الآيات الكريمة الآتية :
١ ـ (وَاقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ ايْمَانِهِمْ لَايَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلكِنَّ اكْثَرَ النَّاسِ لَايَعْلَمُونَ* لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِى يَخْتَلِفُونَ فِيْهِ). (النحل / ٣٨ ـ ٣٩)
٢ ـ (ثُمَّ الى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ). (الانعام / ١٦٤)