حالة النوم ، والنوع الثالث الوحيد الذي يخرج عن اختيار الإنسان في تلك الحالة.
وممّا يجدر ذكره أنّ هذه الآية تفيد بأنّ النوم «موت مخفف» أو بتعبير آخر إنّ الموت «نموذج كامل من النوم» كما يُفهم أيضاً بأنّ الإنسان مركب من الروح والجسد وأنّ الجسد مادّي والروح جوهر لا يخضع للقوانين المادّية :
ومن خلال ماتقدم يمكن التوصل إلى معرفة نبذة من أسرار الأحلام والرؤيا وما يدركه الإنسان من حقائق جديدة في تلك الحالة ، لأنّ روح الإنسان في حالة النوم تنفصل عن الجسد وتنجز فعّالياتها بحريّة أكثر ، إذن فهي تَحوم في عوالم جديدة.
جاء في الحديث عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام : «إنّ الروح يخرجُ عند النوم ، ويبقى شعاعه في الجسد ، فلذلك يرى الرؤيا ، فإذا انتبه عادَ روحُهُ إلى جسده بأسرع من لحظة!»(١).
وعلى أيّة حال فإنّ هذه الآيات لا تفسر إلّابمسألة بقاء الروح ، وذلك لأنّ توفّي الشيء أي أخذه بصورة تامة عند الموت لايصدق على التوفّي الجسدي ، فالحياة النباتية والحيوانية تفْنى بواسطة الموت ولا يبقى منها شيء فلايمكن أن تكون مصداقاً لعنوان «التوفّي» ، فبناءً على هذا تكون النتيجة أنّ المراد من التوفي توفي الروح الإنسانية التي تعتبر العامل الرئيسي في حياة الإنسان.
* * *
توضيحات
١ ـ خلود الروح
إنّ مسألة خلود الروح لها علاقة وثيقة بمسألة استقلالها وأصالتها ، لأنّ الروح إن كانت مستقلة فيحتمل أن تبقى على حالها بعد الموت ، لكنّها لو كانت تابعة لقوانين المادة وكانت تشبه في خواصها المادة فإنها سوف تفنى تبعاً لفناء الجسم (كما هو الحال في حركة عقارب
__________________
(١) تفسير روح البيان ، ج ٨ ، ص ١١٥.