كان ضرورياً بالابقاء له ينفطر فؤاده أشدّ انفطار ، ومثل هذا اليأس هو الابلاس» (١).
فأحياناً ، يحلُّ اليأس في مواردٍ يحتاج الإنسان إلى مقصوده احتياجاً مبرماً ، فمن البديهي في مثل هذه الموارد يكون اليأس سبباً للحيرة والضياع ومصَدراً للألم والغم القاتل ، فكلمة «إبلاس» تستعمل في المعنى الثاني (بينما كلمة «يأس» ليست كذلك).
ثم إنّ القرآن الكريم يعبّر عن المعاد ايضا بـ (يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ). (إبراهيم / ٤١)
وتارةً يقول : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ). (المطففين / ٦)
وتارة يذكره بعبارة : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوُحُ وَالْمَلَائِكَةُ). (النبأ / ٣٨)
وأخرى بعبارة : (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ). (غافر / ٥١)
بلى إنّ ذلك اليوم هو يوم القيامة ، يوم قيام الساعة وقيام الحساب وقيام الناس وقيام الملائكة وقيام الأشهاد ويوم قيام كل شيء.
والملفت للنظر هو أنّ التعبير بقيام الساعة له مفهوم خاص من بين هذه التعبيرات ؛ لأنّ الساعة ـ كما قلنا سابقاً ـ تعني الجزء من الزمان فهل يعني هذا أنّ للزمان قيام؟ يعتقد البعض أنّ هذا التعبير يدلّ على أنّ يوم القيامة يمكن أن يُتَصوّر له التلبس بالقيام والنهوض كما هو الحال في الموجودات الحيّة (فتأمل).
* * *
٢ ـ احياء الموتى
احياء الأموات هو عنوان آخر يُشاهد بشكل واسع في الآيات المختصة بالمعاد ، وكما سيأتي ـ بإذن الله ـ في بحث أدلّة المعاد أنّ عدداً كبيراً من هذه الأدلة تُوْكّد على هذا العنوان ، وتُصّور إمكان الإحياء بعد الممات بطرق مختلفة.
ومن جملتها الآية التي هي مورد بحثنا ، فبعد أن ذكر القرآن المجيد ثلاثة امور مهمّة هي (مسألة خلق الإنسان من التراب ، والتطوّرات المختلفة للجنين ، وإحياء الأرض بعد نزول
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢٥ ، ص ١٠١.