الغيث) قال تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَانَّهُ يُحْىِ الْمَوْتَى وانَّهُ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ).
«الحق» : يعني الواقع والثبوت ، والتعبير السابق ـ على حد قول «الميزان» يُشير إلى أنَّ الله عزوجل هو عين الواقع لا أنّه وجودٌ له واقع ، إنّه عين الثبوت والواقع ، وبالاحرى أنَّ واقعية وثبوت كل شيّ في العالم مترشح من فيض وجوده (١).
وما يقابل الحق هو الباطل ، فإنّه لا واقع ولا ثبوت له ، بل هو خيالٌ وظنٌ باطل وسرابٌ لا غير.
والملفت للنظر في هذه الآية هو الامور الثلاثة المذكورة أعلاه (خلق آدم من التراب ، وتطورات الجنين ، واحياء الأرض الميّتة) فإنّها جاءت كدليل على إثبات المبدأ الأول أي إثبات أصل وجود الله ، وعلى إثبات المعاد وإثبات صفات الله (مثل القدرة).
إنّ هذه التغيّيرات الواسعة والمهيمنة على كل موجودات العالم هي في الواقع دليل على وجود محورٍ ثابت في عالم الوجود ، وهذا النظم العجيب الذي يُهيمن على الظواهر المختلفة هو دليلٌ على حكمة وقدرة ذلك المحور ، وتدلّ كل هذه الامور بوضوح على إمكان الحياة بعد الموت.
وكما أشرنا سابقاً بأنّ تعبير «احياء الموتى» ورد بشكل واسع في آيات المعاد ، فإنّ هذا التعبير يدلّ بوضوح على كون المعاد جسمانيّاً ، لا عودة الروح فحسب ، بل يعاد في الآخرة الجسم المتعلق بها أيضاً (ولكن على مستوىً أعلا وأرقى كما ستأتي الإشارة إليه لاحقاً) فلو كان المعاد بالروح فقط لما كان للحياة الآخرة مفهوم أصلاً ، لأنّ الروح بعد انفصالها عن البدن تستمر في الحياة وتحافظ على بقائها.
* * *
٣ ـ البعث
ومن التعابير الاخرى التي وردت في آيات القرآن عن القيامة هو «البعث» ، ففي الآية
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ١٤ ، ص ٣٧٨.