٥ ـ هل النفس مجردّة؟
هل الروح مستقلة ولا غير؟ وهل يمكنها البقاء بعد موت الجسم وفنائه؟ أم لها حالة التجرّد عن المادة والاستقلال معاً؟ أي أنّها تفتقد خصوصيات المادة التي هي عبارة عن تقيدها بالزمان والمكان والتركيب.
لقد ذهب جمع من الفلاسفة إلى أنّ الروح مجرّدة ولا معنى لاحتوائها على كيفيات مادية ، واستدلوا على ذلك ببعض الأدلة السابقة التي اقيمت على فرضية استقلال الروح.
والبعض الآخر يرى أنّ الروح مادّية لكنها مكوّنه من مادة شفافة وبتعبير آخر إنّهم يرون أنّ الروح «نصف مجرّدة» أي مجرّدة عن المادة الكثيفة والعناصر المادية.
فنحن نعلم مثلاً بأنّ النور جسم ، ولا فرق في ذلك في كونه على شكل أمواج أو ذرات «فوتونية» ، ولكن ممّا لا شك فيه هو عدم خضوعه للقوانين التي تخضع لها الأجسام العادية ، لذا فهو يخترق الأجسام الشفافة ولا فرق بالنسبة له بين الفراغ وغيره.
فهل أنّ روح الإنسان شبيهة بهذا حقاً؟ أم هي مجرّدة تماماً وأرقى من المادة بشقيها الكثيف والشفاف.
وبما أنّ إثبات مسألة تجرّد الروح أو إثبات كونها مادة شفافة هي من الأبواب غير المجدية في بحوث المعاد وبما أنّ المهم بالنسبة لنا هو استقلال الروح وبقاؤها بعد فناء الجسم ، فإننا نعرض عن ذكر مزيد من التفاصيل في هذا المجال ونوكل ذلك لعلم الفلسفة ، وكل ما يمكن أن نقوله هنا هو : إنّ الروح مستقلة سواء كانت مجرّدة أم كانت جسماً مادياً شفافاً وهي تبقى بعد فناء الجسم المؤلف من عناصر مادّية وتحافظ على حيويتها ، وهذه هي الخطوة الاولى نحو عالم ما بعد الموت ، (فتأمّل).
* * *