وبالإضافة إلى ذلك تشير هذه الآيات إلى أن تعجب هؤلاء نابع من عدم تصديقهم بإمكانيّة جمع أجزاء الإنسان التي تحللت في التراب.
فلنتأمل الآن بهذه الآيات :
١ ـ (وَقَالَ الَّذينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ اذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفْى خَلْقٍ جَديدٍ* افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً امْ بِهِ جِنَّةٌ). (سبأ / ٧ ـ ٨)
٢ ـ (إِنْ هُوَ إِلّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً ومَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤمِنينَ). (المؤمنون / ٣٨)
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
هل يمكن أن نُخلقُ من التراب ثانية؟
قد تعرضنا سابقاً لتفسير هذه الآيات أيضاً ، لكننا هنا ننظرإليها من زاوية اخرى جديدة ، وكل مافي الأمر أنّ المشركين الذين عاصروا النبي صلىاللهعليهوآله والذين هبّوا لمعارضته قالوا : لقد ظهر رجلٌ يدّعي بأنّكم سوف تُبعثون مرّة اخرى بعد أن تتحولوا إلى تراب وينتشر ترابكم في كلِّ صوب ، ثم يصفون هذا الادّعاء بالافتراء على الله وأن قائله أصابه مسٌ من الجنون ، أي أنّه إنْ لم يكن مجنوناً فقد افترى على الله كذباً كي يخدع الناس بذلك ، وإلّا فإنّه تحدّث بهذا بسبب ما أصابه من الجنون!
وفي الآية الثانية نواجه نفس هذا المعنى أيضاً ، فهذه الآية تتحدّث عمّا جاءَ على لسان قوم ثمود عند مقابلتهم لنبيّهم صالح ، فعندما تحدّث لهم النبي صالح عليهالسلام عن المعاد غضبوا عليه وعدّوا ذلك نوعاً من الافتراء والكذب على الله!.
لقد كانت جميع هذه الاعتراضات التي جُوبه بها نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله أو النبي صالح عليهالسلام أو سائر الأنبياء منبثقة من دعوة الأنبياء الناس للتصديق بتحقق المعاد الجسماني ، فإنْ لم يكن الأمر كذلك فما معنى هذه الاعتراضات الشديدة ، فهذه الامور تعتبر أدلة اخرى ممّا ورد في القرآن المجيد لإثبات تحقق المعاد الجسماني.
* * *