بمعنى الانهاض ، والثانية بمعنى النشر ، ولذلك اشتملت هذه الكلمة «بعثرة» على المعنيين.
أمّا «البيضاوي» فإنّه نقل هذا المطلب بتعبير آخر وهو أنّ «بعثرة» مركبة من «بعث» و «رأى» في «اثارة» (١).
* * *
٤ ـ الحَشْر
لقد ورد تعبير آخر عن القيامة في آيات عديدة من القرآن المجيد وهو «الحشر» كما جاء في آية بحثنا : (وَانَّ ربَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ انّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ).
«حكمته» : توجب أن لا ينتهي كل شيء بموت الإنسان ، وإلّا فإنّ الحياة الدنيا والنوم والأكل والشرب واللّبس لا قيمة لها حتى تكون الهدف من خلق الإنسان الرفيع المستوى ويكون الهدف من خلق هذا العالم الوسيع ، «علمه» أيضاً يكون رافعاً للعقبات في أمر معاد العباد وحشرهم ونشرهم وحسابهم (جمع ذرات أبدانهم المنتشرة في التراب وكذلك جمع أعمالهم وأقوالهم) ، وذلك لأنّه عالم بكل شيء وقد أحصى كل شيء.
التعبير بـ «الحشر» عن القيامة استخدم فيما يقارب ٣٠ مرّة في آيات القرآن المجيد وفي سورٍ مختلفة ، وهذا المقدار من الاستعمال هو دليل على أهميّة الحشر في القرآن.
«الحشر» في اللغة ـ نقلاً عن «مقاييس اللغة» ـ بمعنى الجمع المقارن للسَوق والقوْد ، ويطلق أحياناً على كل جمع أيضاً ، وعن «مفردات الراغب» بمعنى اخراج مجموعة من مقرّهم لساحة الحرب أو ما شابه ذلك ، ولذا جاء في الروايات : «النّساءُ لا يُحشَرْنَ» أي لا يُسَقْنَ نحو سوح القتال.
وجاء في «التحقيق» إن مادة «حشر» تحمل في طياتها ثلاثة معانٍ : «البعث» و «السَوق» و «الجمع».
فحشرات الأرض تعني الدواب الصغيرة وسُميت بذلك لكثرتها وتحركها ولكونها منبوذة.
__________________
(١) تفسير البيضاوي ذيل الآية ٤ من سورة الانفطار.