شخصية الإنسان ، لذا يمكننا القول : إنّ الإنسان هو نفس الإنسان السابق ، لأنّ روحه عين تلك الروح ومادة جسمه عين تلك المادّة والفارق الوحيد هو إنّ صورة الجسم تشبه الصورة السابقة لا عينها ، ومن المحتمل أن يكون التعبير ب «مثل» كما في قوله تعالى : (اوَ لَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْارْضَ بِقَادِرٍ عَلَى انْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ)؟! يشير إلى هذا المعنى. (يس / ٨١)
والطريف هو ما روي عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الآية : (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوْداً غَيْرَهَا لَيَذُوقُوا الْعَذَابَ). (النساء / ٥٦)
في جوابه عليهالسلام عن سؤال «ابن أبي العوجاء» عندما سأل الإمام عليهالسلام : ماذنبُ الغير؟ (أي الجلود الاخرى» ، فأجابه الإمام عليهالسلام : «هى وهى غيرها». فطلب ابن أبي العوجاء توضيحاً أكثر وقال : اضرب لي مثلاً في هذا المجال ممّا اعتدناه في هذه الدنيا! قال الإمام عليهالسلام : «أرأيت لو أنّ رجُلاً أخذ لبنةً فكسّرها ثم ردّها في ملبنها ، فهي هي وهي غيرها!» (١).
* * *
٢ ـ شبهة الآكل والمأكول
إنّ شبهة «الاكل والمأكول» هي مسألة اخرى من المسائل التي طرحت على طاولة البحث وهي في الحقيقة من أكثر معضلات مباحث المعاد الجسماني من ناحية التعقيد.
وتوضيح ذلك : يتفق في بعض الأحيان أن تحل بعض أجزاء بدنِ أحد الناس في بدن شخص آخر ، إمّا بصورة مباشرة كما يحصل ذلك عند حصول المجاعات حيث يتغذى بعض الناس على لحوم البشر ، وإمّا بصورة غير مباشرة كما لو تحللت اجزاء الإنسان وتحولت إلى تراب فتتغذى النباتات من ذلك الجسم فيأتي إنسان آخر ويتغذى من تلك النباتات (كالخضر والحبوب والفواكه) ، أو أن يتغذى أحد الحيوانات على تلك النباتات فيأكل الإنسان الآخر لحم تلك الحيوانات ، كما أنّه من الممكن أن تتحلل بعض أجزاء جسم
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٧ ، ص ٣٨ ، ح ٦ ، وقد جاء نفس هذا المعنى في حديث آخر بصورة مختصرة (المصدر السابق ، ص ٣٩ ، ح ٧) وقد ورد ذكر الحديث المذكور في نور الثقلين أيضاً في التعليق على الآية ٥٦ من سورة النساء.