عمر غير محدود بواسطة الترميم الحاصل من الخارج وعن طريق المدد الإلهي ، تخلد وتحافظ على بقائها. وهناك مثال من القرآن المجيد يمكن أن يكون دليلاً على ما قلناه ، وهو طول عمر النبيّ (نوح) عليهالسلام حيثُ لبثَ في قومه ألفَ سنة إلّاخمسين فيما عدا عمره قبل تكليفه بالنبوّة ، ومعنى ذلك أنّ الله تعالى قد جعلَ خلايا جسمه عليهالسلام تتجدّد بالحياة دون أن تتفسّح وينالها الموت بينما جميع خلايا أجسام الناس تتفسّخ وتموت بعدَ عُمرٍ يناهز المائة سنة أو أقلّ أو أكثر وذلك لعدم تتدخّل المدد الإلهي في تجديد حياة خلايا أجسامهم. وخلاصةُ القول : إنّ القادر على خلق الإنسان ولم يكن شيئاً مذكوراً ، والقادر على إحياء الموتى أليسَ بقادرٍ على جعل خلايا جسم الانسان في حيوية متجدّدة ونشاطٍ دائمٍ وحياةٍ خالدةٍ أبداً في دار الخُلد؟!
وعندما طرح المرحوم العلّامة الحلّي إشكال هؤلاء ، بالنحو المذكور لم يكترث به وقال : إنّ هذه ليست بأدلة بل استبعادات لا غير (١)! أي ماهي إلّاظنون غير مبرهنة منطقياً.
* * *
٦ ـ هل يمكن الجمع بين (معاد) الأجسام والأرواح؟
يُتصور أحياناً بأنّ الجمع بين إعادة الأجسام والأرواح ـ وهو رأى القائلين بالمعاد الجسماني ـ أمرٌ عسير ، وذلك للزوم وجود الثواب المعنوي والمادي ووجود اللذات بنوعيها لمكافأة الروح والجسم معاً ، مع أننا نعلم بأنّ الإنسان إذا ما غرق في عظمة أنوار العالم القدسي فإنّه لا يمكن أن يعير أيّة أهميّة للملاذ المادية ، وكذلك الحال إذا ما غرق في الملاذ الماديّة فإنّه لا يمكنه التفرغ لنيل الملاذ المعنوية ، وقصارى القول إنّ مقتضى المَعادَين متضاديّن فيما بينهما ولا يمكن الجمع بينهما!
* * *
__________________
(١) شرح التجريد ، ص ٣٢٢.