توضيحات
١ ـ المعاد لدى شعوب ما قبل التاريخ
نحن نعلم بأنّ حياة البشرية تقسّم إلى مرحلتين : مرحلة ما بعد اختراع الكتابة عندما تمكن الإنسان من تدوين شيء من نفسه وسمّيت هذه المرحلة بمرحلة التاريخ ، ومرحلة ماقبل اختراع الكتابة ، فمن الطبيعي أنّ الإنسان لم يكن في هذه المرحلة قادراً على تدوين شيءٍ ممّا كان يدور حوله كي يصبح له تاريخ مدوّن ، وأطلق على هذه المرحلة اسم مرحلة ما قبل التاريخ.
لكن عدم اختراع الكتابة في تلك العصور لم يكن حائلاً أبداً أمام معرفتنا لأوضاع تلك الشعوب ، وذلك لأنّ ما خلّفوه من آثار تحت التراب وفي المغارات وغيرها كثير جدّاً ممّا يسهّل الكشف عن مجهولات كثيرة في اسلوب معيشتهم.
فالعلماء ما زالوا مستمرين في التنقيب في مختلف أنحاء العالم عن الآلات المختلفه التي كان الإنسان يستخدمها في تلك الفترة وما زالوا ينقّبون عن بيوتهم وقراهم التي كانوا يسكنونها ، كي يطالعوها بدقّة بعد العثور عليها ليدوّنوا ما يكتشفونه من عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم فيتوصلوا عن هذا الطريق إلى معرفة طقوسهم وعقائدهم الدينية أيضاً.
يقول عالم الاجتماع الشهير «صاموئيل كينغ» في كتابه : «إنّ أسلاف الإنسان الحالي (الذين عُثر على آثارهم خلال التنقيب) أي «النياندرتال» كانوا يمارسون طقوساً دينية ، والدليل على ذلك هو دفنهم أمواتهم بطريقة خاصة ودفنهم آلاتِ عملهم معهم وهذا ما يكشف عن عقيدتهم بوجود عالم آخر» (١).
ونحن نعلم بأنّ نسل النياندرتال يتعلق بعصورمضت عليها عشرات الآلاف من السنين في زمانٍ لم تخترع فيه الكتابة ولم تدخل مرحلة التاريخ البشري.
إنّ عملهم هذا كان خرافياً وهذا ممّا لا شك فيه ، لأننا نعلم بأنّ آلات العمل لا تنفع الإنسان في الآخرة ، لكنّ المحفّز لعملهم هذا هو الإيمان بالحياة بعد الموت كان واقعاً متجسداً بينهم.
__________________
(١) علم الاجتماع ، ساموئيل كينغ ، ج ١ ، ص ٢٩١.