فكرياً ، لكن كل تلك الأحداث تتحد في دلالتها على شيء واحد وهو أنّ الاعتقاد بعالم ماوراء الموت كان ذا جذور عميقة لدى الإنسان القديم.
وجاء أيضاً في كتاب «تاريخ الحضارات العام» أنّ أجساد الموتى كانت تدفن باهتمام خاص ومراسم خاصة منذ مراحل ما قبل التاريخ وحتى نهاية التاريخ القديم ، وكثيراً ما كانوا يدفنون مع الأموات الأدوات المنزلية أو اشكال غريبة اخرى ، وكان ذووهم يهدونهم الهدايا ، وهذه العادات والتقاليد إن دلت على شيء فإنها تدل على إيمانهم بالحياة الآخرة(١).
* * *
٢ ـ المعاد في ضمير شعوب ما بعد التاريخ
تدلّ الوثائق التاريخية على أنّ الشعوب التي كانت تعيش في مناطق مختلفة من العالم كانت تشترك مع الشعوب الأُخرى في هذه العقيدة ، وغالباً ما كانت المجتمعات تؤمنُ بِعقيدة راسخة في مسألة الحياة بعد الموت ، وَتُولي اهتماماً كبيراً بإقامة تلك الشعائر بالرغم من إدخالهم عليها بعض الخرافات ، ونحاولُ أنْ نلقي نظرةً على بعض المعتقدات لدى المجتمعات القديمة.
* * *
أ) المعاد لدى المصريين القُد ماء
جاء في كتاب تاريخ «آلبر ماله» في هذا المجال : «كان المصريون يعتقدون بأنّ أرواح الموتى تخرج من القبور ، وتمثل بين يدي الربِّ العظيم «آزيريس».
وعندما تُقاد الروح لتمتثل أمام أحكم الحاكمين فانَّ «آزيريس» يأخذ قلب الشخص ويضعُهُ في ميزان الحقيقة ليزنه ، فُترسل الروح الطاهرة إلى بستان لا يسع تصور الإنسانِ خيراتهِ ...
__________________
(١) تاريخ الحضارات العام ، ج ١ ، ص ٩٩.