وعلى أيّ حال فالمصريون بناءً على ما جاء في تاريخهم ، كان لهم اعتقاد راسخ بمسألة الحياة بعد الموت على الرغم من نفوذ خرافات كثيرة فيها ، ومن جملة معتقداتهم هو وضعهم الأدوات التي كانوا يستخدمونها في حياتهم والأمتعة ، ووضعهم صور وتماثيل ورسوم الموتى في القبور ، لاعتقادهم بأنّ هذه الصور والرسوم يمكنها أن تحل محل الموتى.
ففي بعض المقابر عثر على صورة مزرعة وفي بعضها عثر على صورة تُصوّر كيفية عمل الرغيف ، وفي بعضها عثر على صورة تحتوي على منظر ذبح بقرة ، واخرى تحتوي على منظر تقديم اللحم المشوي الموضوع في الآنية للضيوف (١) ، كما أنّ تحنيط الموتى ، وبناء القبور الرصينة مثل الأهرام ، كلها تصب في هذا الميدان ، والهدف منها هو حفظ أجساد الموتى من التفسخ إلى يوم القيامة ، كي تتمكن مِن الحصول بسهولة على وسائل العيش بعد أن تحل فيها الروح (لذا) كانوا يضعون أنواع المأكولات وتماثيل الطبّاخين والخبّازين ، وأنواع الأسلحة والجواهر في القبور إلى جوار الأجساد ، ولمّا كانت هذه القبور عادةً عرضة لعبث الحيوانات الوحشية ، أو عرضة لحملات اللصوص لما يوجد فيها من جواهر فقد بادر أصحاب النفوذ والأثرياء إلى بناء الأهرام ، أو بناء الأبنية الرفيعة على القبور واطلقوا عليها اسم «پيرموس» أي «مرتفع» (٢).
* * *
ب) «البابليون»
إنَّ البابليين أيضاً كانوا مِن أصحاب الحضارات القديمة ، وتدل الآثار الباقية من حضارتهم على أنّهم كانوا يدفنون أجساد الموتى في قبور على شكل غرف مُسقّفة تحت الأرض ، وبالرغم من عدم تحنيطهم الموتى إلّاأنّهم كانوا يُلبسونهم الملابس الفاخرة بعد غسلهم ، وكانوا يصبغون وجنات الموتى بالألوان ويكحّلون أجفانهم باللون الأسود! وكانوا
__________________
(١) قصة الحضارة ، ول ديورانت ، ج ٢ ، ص ٧١.
(٢) المصدر السابق ، ص ٧١.