ومن الممكن أن يقال هنا أن تفسير الآية بمسألة السعادة والشقاء هو الوارد في التفسير المنقول عن علي بن إبراهيم عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عليهالسلام حيث قال : «خَلَقَهُمْ حِينَ خَلَقَهُمْ مؤمناً وكافراً وسعيداً وشقياً وكذلك يعودون يومَ القيامة مُهتدياً وضالاً ...» (١).
ولكن لا شك في كون هذا الحديث من المتشابه ، وراوية «أبوالجارود» وهو «زياد بن المنذر» وهو مذموم بشدّة في كتب الرجال حتى أنّ البعض اطلقوا عليه اسم «سَرْحُوب» وهو أحد أسماء الشيطان وفي بعض الروايات عُدَّ كذاباً وكافراً ، وينسبون إليه تأسيس الفرقة «الجارودية» المنحرفة وهي (فرقة من الزيدية).
وعلى هذا فالتفسير الأول هو الصحيح.
* * *
٧ ـ لقاء الله
التعبير الآخر الذي ورد في آيات متعددة من القرآن الكريم والذي أشار إلى يوم القيامة والبحث ، هو تعبير «لقاء الله» و «لقاء الرب» ، حيث نلاحظ هذا في الآية السابعة التي وردت في بحثنا هذا.
حيث قال تعالى : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) (٢).
والتعبير بـ «لقاء الله» و «لقاء الرب» الذي تكرر ذكره في آيات القرآن له معنىً عميق جدّاً ، رغم أنّ عدداً من المفسرين قد مرّوا عليه مرور الكرام.
فقالوا حيناً : إنّ المراد من «لقاء الله» ملاقاة ملائكة الله في يوم القيامة ، وقالوا حيناً آخر : إنّ المراد هو تلقي حسابه وجزاءه وثوابه.
وقالوا حيناً ثالثاً : إنّه بمعنى ملاقاة حكمه وأمره.
وعلى هذا الترتيب فإنّ كل واحد منهم جاء بكلمة لتقدير المعنى مع أننا نعلم بأنّ التقدير
__________________
(١) تفسير القمي ، ج ١ ، ص ٢٢٦ ؛ وتفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ١٨.
(٢) جاء هذا التعبير أيضاً في آيات اخرى مثل : الانعام ، ٣١ و ١٤٥ ؛ يونس ، ٧ و ١١ و ١٥ ؛ الرعد ، ٢ ؛ الكهف ، ١٠٥ و ١١٠ ؛ الفرقان ، ٢١ ؛ العنكبوت ، ٥ و ٢٣ ؛ الروم ، ٨ ؛ السجدة ، ٢٣ ؛ فصلت ، ٥٤ ؛ السجدة ، ١٠ و ٢٠.