جمع الآيات وتفسيرها
الإيمان بالمعاد هو المحفِّز على عمل الصالحات :
لقد عكست لنا الآية الاولى الرابطة الوثيقة بين الإيمان بالآخرة والعمل الصالح ، قال تعالى : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لَقَاءَ رَبِّهِ فَلْيعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).
فالايمان بالآخرة طبقاً لمفاد هذه الآية يمكنه في الواقع أن يؤثّر في الإنسان من جهتين ، الاولى هي حثّه على العمل الصالح ، والاخرى على الإخلاص في العبودية. والظريف هو أنّ هذه الآية اطلقت على يوم القيامة عنوان «لقاء الله» ، ونحن نعلم بأنّ هذا اللقاء المعنوي والشهود الباطني هو قمّة التكامل بالنسبة للبشر ، وتذكّر ذلك اليوم بإمكانه أن يوجد دوافعاً للاخلاص الكامل والعمل الصالح. (وقد اصطلحوا على هذا بتعليق الحكم على وصف مشعر بالعلية).
وهذه الملاحظة أيضاً جديرة بالإهتمام ، وهي أنّ التطرّق إلى رجاء المعاد بدل اليقين به ، إشارة إلى أنّ مسألة المعاد ، بدرجه بحيث إنّه حتى الرجاء بتحقُّقِهِ يكفي لوحده لكي يكون منبعاً لمثل هذه الآثار (١).
وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الإتيان بصيغة المضارع «يَرْجُو» التي تدل على الاستمرارية ، ثم الإتيان بعدها بالأمر بالعمل الصالح والإخلاص بصورة مطلقة ، كل ذلك من أجل الدلالة على أنّ ذلك الرجاء وهذا العمل مقترنان ويحاذيان بعضهما على الدوام.
كما يمكن الكشف عن هذه المسألة الظريفة من هذه الآية أيضاً وهي أنّ القرآن شبّه العباد بالمسافرين الّذين يعودون ليلاقوا محبوبهم بعد انصرام مدّة الفراق ، ومن البديهي أنّه يجب عليهم بأن يأتوا معهم بهدايا وأن يتصرّفوا بما يليق بهذا اللقاء كي لا يقفوا خجلين بين يدي الحبيب.
جاء في بعض التفاسير في سبب نزول هذه الآية : إنّ رجلاً أتى النبي صلىاللهعليهوآله وقال : إنني أحب الجهاد في سبيل الله ولكنّي أحبُّ أن أبرز ما لديّ من مفاخر أمام الآخرين ، فنزلت هذه
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ١٣ ، ص ٤٠٦.