عاقل يتردد في شراء «المواهب الجمّة» ، بل المواهب التي لا تنضب ب «المتاع القليل»؟ من أجل هذا يمكن للإيمان بالمعاد أن يصبح منبعاً لجميع أنواع الإنفاق والإيثار والتضحية.
ومن ناحية ثالثة فإنّ هذا الإيمان يعطي الإنسان روح الشجاعة والشهامة والصبر والاستقامة ، فمن يخاف الموت يقول : (إِنْ هِىَ إِلّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا). (الانعام / ٢١)
أمّا من لا يخاف من الموت يعتقد بأنّ (الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِىَ الْحَيَوانُ). (العنكبوت / ٦٤) وكيف يبخل في بذل روحه وماله ، أو أن يخاف كثرة صفوف الاعداء مَنْ يعتقد بأنّ الشهادة في سبيل الله هي بوّابة للدخول في رحمة الحق تعالى ، والوصول إلى مقام القرب منه وَنيْل هبات الجنّة التي لا يسعها الوصف؟!
وما شاهدناه في حروب صدر الإسلام والحرب المفروضة الأخيرة من صمود المقاتلين الشجعان الذي لم يسبق له مثيل ، ومن شجاعة خارقة وانتصارهم على الأعداء بالرغم من كثرة عددهم وعدّتهم فإنّ السرّ في ذلك يكمن في أنّ الإيمان بالمعاد هو الّذي صنع منهم اناساً آخرين ... اناساً لا يخافون الموت أبداً ، ويعتبرون الشهادة في سبيل الله مِن أرقى المفاخر.
وقصارى القول : إنّنا كلّما أمعنّا النظر أكثر في هذه الرابطة (علاقة الإيمان بالمعاد بتربية الإنسان) ، فإننا سوف نكتشف أهميّتها بصورة أوضح ، وكما كررنا القول كثيراً فإنّ تأكيد القرآن على هذه المسألة في آيات عديدة لا تحصى هو في الأساس من أجل هذا الأمر.
ومن المحتمل أن يقال : إِنّ ما قلتموه هو بيان للعلاقة الموجودة بين «العمل» و «الإيمان» لا العلاقة الموجودة بين «الأخلاق» والإيمان.
لكننا قد أشرنا آنفاً أيضاً إلى أنّ «العمل» إثْرَ التكرار يتحوّل بالتدريج إلى «حالة» ثم تتحوّل الحالة إلى «عادة» وأخيراً تتحوّل العادة إلى «ملكة اخلاقية»!.
* * *
٢ ـ الآثار التربوية للمعاد من وجهة نظر الروايات
إنّ هذا الموضوع لم يذكر في آيات القرآن فحسب ، بل له صدىً واسعٌ في الروايات