ارتكابهم الذنوب الكثيرة وتلوث أيديهم بدماء الابرياء ، لذا فهم يخافون الموت بشدّة.
لذا قال تعالى (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ). (البقرة / ٩٦)
وقال أيضاً : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ). (البقرة / ٩٥)
وَعلى هذا الأساس فقد بيّن القرآن المجيد علل الخوف من الموت بوضوح كما أنّه هدى إلى طرق الخلاص من هذا الخوف والهلع الّذي يعمُّ الجميع ، ويرى بعض المفسِّرين أَنّ الآية المذكورة أعلاه والتي نزلت في شأن اليهود هي نوع مباهلة والتي هي إحدي طرق مقارعة الكذّابين ، وهي تستخدم في إثبات صدق الدّعوة ، وهي أن يَطلبَ المدّعي من الله أن يُخْزِيَهُ إنْ كان كاذباً (فإذا كانت شروط المباهلة متوفّرة فإنها تكون مؤثّرة).
والدليل على هذا التفسير هو ما جاء في الروايات أنّ الكذابين أي (اليهود) لو كانوا تمنّوا الموت أمام النبي صلىاللهعليهوآله لَغصّوا بريقهم وماتوا!
جاء في الحديث الشريف : «والذّي نفسي بيده لا يقولها احَدٌ منكم إلّاغُصَّ بريقه»(١).
* * *
٧ ـ الغاية من الموت والحياة
إنّ حياة الإنسان محدودة على أيّة حال ، والموت يرافق كل حياة ، وأوّل سؤال يُطرح هنا هو : ما هي الغاية من الحياة والموت؟
وقد تحدّث القرآن المجيد في الآية «السابعة» من آيات البحث عن هذا الأمر فقال : (تَبَارَكَ الَّذى بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ* الَّذِى خلَقَ المَوْتَ والحَيَاتَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزيزُ الغَفُورُ).
فالقرآن هنا يبيّن أولاً أنّ خلق الموت والحياة هما من دلائل قدرته الواسعة ، ثم يضيف إلى ذلك : إنّ الهدف من هذا الخلق هو امتحان لأحسنِ الأعمال .. امتحان يهدف إلى تربية البشر وهدايتهم إلى منزلة القرب الإلهي.
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ٢٨ ، ص ٨٥ ؛ وتفسير المراغي ، ج ٢٨ ، ص ١٠٠.