عَمَلاً وَلكِنْ أصْوَبُكُمْ عَمَلاً» (١).
سادساً : إنّ الأفعال الإلهيّة هادفة ويصطلح عليها بأنّها «معللة بالاغراض» ، على خلاف مايراه المغفَّلون من أنّ أفعال الله غير هادفة.
سابعاً : ومن أجل احتمال أن يشعر الإنسان بالوحدة والعجز في ساحة الاختبار العظيمة ، أو أن يُهيمن عليه اليأس بسبب العثرات وصف الله نفسه في ذيل الآية بالعزيز الغفور وذلك للقضاء على هذه المخاوف ، فالآية تقول للإنسان : إنّك لست وحيداً ، فلا تخف من رهبة الاختبار ، وليكن قلبك مع الله ، فإنّ عثرت فالجأْ إلى عفو الله وغفرانه.
* * *
٨ و ٩ ـ مقدمات الموت وسكراته
يستفاد من مضامين آيات القرآن أَنّ الموت تصاحبُهُ شدائد ومخاوف محيّرة ، لذا قال تعالى في الآية الثامنة من آيات البحث : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ) فيقال للإنسان في هذه الاثناء : (ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ).
وكلمة «سَكْرَة» مأخوذة من مادة «سُكر» وهي ـ على حدّ قول اللغويين ـ حالة تَحُولُ بين الإنسان وعقله ، وغالباً ما تستخدم في موارد شرب الخمر ، وقد استخدمت تارةً في الحالات الناجمة عن شدّة الغضب أو الحالات الناجمة عن شدّة الحبّ الملتهب.
ولكن جاء في «مقاييس اللغة» إنّ الأصل في هذه المادة بمعنى «الحيرة». كما فسّرها آخرون ب «الشدّة» ، والظاهر هو أنّ جميع هذه المعاني تعود إلى معنىً واحد وإن كانت التعبيرات مختلفة.
إنّ ظهور حالة تشبه حالة السُكر عند الإحتضار إمّا أن تكون بسبب طبيعة الانتقال من عالم إلى عالم آخر مجهول من جهات مختلفة ، كما هو الحال في حالة الاضطراب عند المولود عندما ينتقل من عالم الجنين إلى عالم الدنيا ، وإمّا أنْ يكون بسبب أجواء ما بعد
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٦ ، (باب الإخلاص) ح ٤.