هذا بالإضافة إلى أنّ وصول الروح الحلقوم هو تعبير آخر عن هذا المعنى ، ومن البديهي أنَّ جهاز التنفس يقف عن العمل عندما تصل الروح الحلقوم ، وعندما يقف جهاز التنفس عن العمل يسبب فقدان الاوكسجين والاختناق ووقوف المخ عن العمل.
ففي هذه اللحظات يضطرب الحاضرون عند المحتضر ويصيبهم الجزع والفزع ، ويبذلون قصارى جهدهم لإعادة الروح ، إلّاأنّ مساعيهم تذهب هباءً ، وبعد لحظات ينقطع المحتضر عن هذه الدنيا إلى الأبد ، فيستقرّ جسده جانباً وكأنّه لم يكن واحداً من أهل هذه الدنيا.
والعجيب هو أنّ العبور من هذه المراحل التي تطول مدّتها تارةً وتمرّ بسرعة تارةً اخرى هو امرٌ حتميّ يعمّ الجميع ، فالملوك والجبابرة الظلمة سوف يموتون ، كما سوف يموت المستضعفون والمظلومون كذلك ، بل تكون لحظات الموت بالنسبة للجبابرة والظلمة أشدّ ألماً ، وذلك لأنّ فراق الاموال والمناصب التي بذلوا أعمارهم للحصول عليها يكون صعبا وغضّ النظر عنها بالنسبة للذين تعلقت قلوبهم بالدنيا المادية أمرٌ عسير.
* * *
١٠ ـ تمنّى العودة والإصلاح
بعد اجتياز لحظات الموت ، وبعد فراق الدنيا عندما تفتح العيون في البرزخ ويشاهد الإنسان بعض الأسرار التي كانت محتجبة خلف ستار الغيب ، ويرى نتائج أعماله بأمّ عينيه ويرى خُلُوَّ يديهِ من الحسنات وتراكُمَ الذنوبِ الثقيلةِ يُثقِلُ كاهِلهُ ، فإنّه يندم بشدّه على ما فعل في الماضي ويفكّر في إصلاح ما اقترفه ، هنا يلتفت إلى الملائكة الذين قبضوا روحه ويتوسّل إلى الله ـ كما جاء في الآية العاشرة من آيات البحث ـ ويضج بالعويل ويطلب من الله العودة إلى دار الدنيا ، قال تعالى : (حَتّى اذَا جَاءَ احَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّى اعْمَلُ صَالِحاً فِيَما تَرَكْتُ).
لكن السنن الإلهيّة لا تسمح لأحدٍ بهذا ، فلا الصالحون يتمكنون من العودة لإضافة