إنْ كان نهاية لكل شيء فإنّ الحياة الدنيا والتي هي عبارة عن تكرار مجموعة من الأعمال الدنيئة ، كالأكل والنوم والكسب والاستهلاك لا يمكن أن تعتبر «هدفاً سامياً» لإرواء الروح الإنسانية ، لذا فإنّ أفراداً يقدمون على الانتحار ويعتبرون ذلك اختياراً صحيحاً لانهاء هذا «التكرار والمكررات التافهة»! فهم يعتبرون ذلك عين العقل والمنطق ، ويعتبرون استمرار حياتهم حماقة وذلّة وبلادة!
بينما يرى الإلهييون الذين يؤمنون بالمعاد ، الموت أشبه ما يكون بتولّد الجنين من بطن امّه.
فالجنين يموت في الواقع ، أي فقد الحياة في بطن الأم ، لكنّه بعد الولادة يضع قدمه في عالم أوسع وأفسح ، وإذا ما قيس بالمحيط الضيق والمظلم في بطن الأم ، الذي يعدُ عالماً مملوءً بالنعم والجمال.
فالموت هو ولادة اخرى أيضاً ، والإنسان بواسطة الموت يخرج من محيط هذه الحياة الضيق إلى عالم أكثر اتساعاً.
ومن البديهي هو أنّ الجنين لو كان يعلم اين سيضع قدمه بعد الولادة لظل يعدّ اللحظات للخروج ، ولما خاف أبداً من ذلك اليوم ، ولما عد حياةَ الأجنّةِ حياةً تافهة ، ولما عزّ عليه الإيثار في سبيل الخروج.
وقصارى القول إنّ نظرة الإنسان للموت باعتباره «باباً ينفذ منه إلى عالم البقاء» تغيّر لون حياته وتمنحها لوناً جديداً وتعطيها مفهوماً يسكن إليه القلب وتخرجه من الحيرة والكآبة والشعور بالتفاهة واللاهدفية التي تقصم آلامها الظهر.
* * *
٢ ـ لماذا نخاف الموت؟
اتّضح ممّا قلناه آنفاً : أنّ الخوف من الموت لا معنى له بالنسبة لمن يؤمن بالمعاد ، ويستثنى من ذلك من كانت صحيفة أعماله سوداء ومظلمة ، الذين يخافون العقوبات الإلهيّة