كثرة الأحاديث وتواترها في هذا المجال) ، فقد ذكر النبي صلىاللهعليهوآله شهداء احد وقال : «أيٌّها الناسُ زوروهُم وأتوهم وسلِّموا عليهم ، فوالذّي نفسي بيده لا يُسلِّمُ عليهم مُسلمٌ إلى يوم القيامة إلّاردّوا عليهالسلام» (١).
وقد تضمّن هذا الكتاب أحاديث متعددة اخرى في هذا المجال.
من هنا يتضح أيضاً مدى جهل من ينكر زيارة أهل القبور ويعدّهم جمادات لجهلهم بالاحاديث الشريفة ومدى بعدهم عن تعاليم رسول الله صلىاللهعليهوآله.
إنّ جميع الروايات التي تحدثت عن سؤال وضغطة القبر ، والروايات التي تخبر الإنسان عن نتا ئج أعماله الحسنة منها والسيئة بعد الموت ، والروايات التي تتحدّث عن ارتباط الأرواح بذويهم والإطلاع على أوضاعهم ، والروايات التي تتحدّث عن ليلة المعراج ولقاء النبي صلىاللهعليهوآله بالرسل والأنبياء ، إنّ جميع هذه الروايات تدلّ أساساً على وجود عالم البرزخ ، فإذا لم نتصّور عالماً كهذا فإنّ جميع هذه الروايات وأمثالها ستصبح مبهمة.
* * *
٢ ـ البرزخ في ميزان العقل والحس
بالإضافة إلى وضوح ما دلت عليه الآيات والروايات المذكورة على إثبات وجود عالم يتوسط الدنيا والآخرة ، فإنّ هذا الأمر يمكن إثباته عن طريق العقل والحس أيضاً ، وذلك لأنّ جميع الأدلة التي دلت على وجود الروح وخلودها مستقلة عن البدن تدلّ على وجود عالم البرزخ ، لأنّها دلت على عدم فناء الروح بموت الجسم ، وذلك لأنّها ليست من عوارض الجسم حتى تفنى بفنائه ، بل هي جوهر مستقل يمكنها الحفاظ على بقائها من دون بقاء الجسم أيضاً ، والاعتراف بهذا يساوي الاعتراف بعالم البرزخ ، وذلك لأنّ الحديث هنا هو عن أصل وجود عالم البرزخ ، لا عن كونه روحياً.
وبالإضافة إلى هذا فإنّ إحضار الروح يدلّ بوضوح على أنّ الأرواح بعد انفصالها عن
__________________
(١) كنز العمّال ، ج ١٠ ، ص ٣٨٢ ، ح ٢٩٨٩٦.