الأجسام تستقر في عالمٍ خاص بها ، وتحافظ على بقائها وتتصف بسعة الإدراك هناك ، حتّى أنّها تبوح بشيءٍمن علمها عن طريق اتصالها بالناس الموجودين في هذا العالم.
إنّ الذين تلقّوا نداءات من الأرواح هم كثيرون ، وكذلك الذين ادّعوا بأنّهم شاهدوا الروح في «قالب مثالي» ، ونحن لا نقول : إنّ جميع هذه الادعاءات صحيحة ، وذلك لأنّ الكذابين والمحتالين المنحرفين كثيراً ما استغلوا هذه المسألة لتمرير اغراضهم ، لكن هذا لا يدعو إلى الانكار ، والشك في صحة هذا الموضوع المدعوم بالتجربة والعلم ، وذلك لكثرة ما أخبر به الثقات عن نتائج تجاربهم في هذا المجال ، ولكثرة ما كتبه العلماء الكبار والمجامع العلمية في هذا الميدان ، ممّا لا يبقي محلاً للانكار في أصل المسألة ، وقد بلغت من الكثره ما لو حاولنا ذكر زاوية منها لطال الحديث عنها كثيراً (١).
بناءً على هذا يمكننا عن هذا الطريق أيضاً ، أن نثبت وجود عالم البرزخ.
* * *
٣ ـ قبسات من عالم البرزخ
بغضّ النظر عن الاختلاف الموجود بين العلماء المسلمين في التفاصيل الجزئية لعالم البرزخ ، فإنّهم اتفقوا جميعاً على أصل وجود مثل هذا العالم سوى عدد قليل لا يعتدّ به.
والسبب في ذلك ، هو وجود الآيات القرآنية والروايات الكثيرة ، التي دلّت على ذلك ، وقد تحدثت تلك الآيات بصراحة عن وضع الإنسان بعد الموت ، والثواب والعقاب ، وارتباط أهل القبور بهذا العالم ، وأمثال ذلك (وقد ذكرنا هذا المطلب آنفاً).
بناءً على هذا فلا يوجد هناك اختلاف في أصل وجود عالم البرزخ ، والمهم هنا هو الاطلاع على صورة حياة البرزخ ، وقد طرح العلماء تصورات مختلفة في هذا الميدان أوضحها ما كان ينسجم مع ما جاء في الروايات وهو :
إنّ روح الإنسان بعد انتهاء الحياة الدنيا تحلّ في جسمٍ لطيف يفتقد الكثير من اعراض
__________________
(١) راجع كتابنا «عود أرواح وارتباط أرواح» لكسب توضيحات أكثر.