لذا جاء في بعض الأخبار أَنّ الذين يمارسون بعض الأعمال الصالحة (مثل حج بيت الله عدّة مرات ، أو المواظبة على قراءة بعض سور القرآن ، أو بعض الأذكار) ينجون من ضغطة القبر (١).
وعلى أيّة حال فإنّ ضغطة القبر هي اوّل العقوبات في عالم البرزخ ، ولكن هل تنزل ضغطة القبر على هذا الجسم المادي ثم تنتقل منه إلى الروح (سبب العلاقة الموجودة بين هذا الجسم والروح على أيّة حال) ، أم تنزل على ذلك الجسم المثالي؟ للإجابة عن هذا السؤال يأتي نفس الرأيين السابقين أيضاً ، ولكن بما أنّ الدخول في التفاصيل الجزئية لا ثمرة منه ، لذا نمّر عليها مرّ الكرام ، ونقتصر في القول على أنّ أصل وجود ضغطة القبر هي من المسلّمات ، وذلك طبقاً لمفاد كثير من الروايات (٢) ، وقد جاء في إحداها عند الجواب عن سؤالهم : إنّ من علّق بخشبة الصَلب عدّة أيّام كيف تناله ضغطة القبر؟ ، قال الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّ ربّ الأرض هو ربُّ الهواء فيوحي الله عزوجل إلى الهواء فيضغطه ضغطةً اشدّ من ضغطة القبر» (٣).
ج) عن أيّ الامور يُسأل؟
تدل الأخبار الكثيرة الواردة في موضوع سؤال القبر ، على أنّ أسئلة القبر توجّه إلى فريقين هما : الفريق الذّي محّضَ الإيمان محضاً ، والفريق الذّي محّض الكفر محضاً ، أمّا المستضعفون الذين هم لا لهؤلاء ولا لهؤلاء فإنّ السؤال منهم يُرجأ إلى يوم القيامة.
جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «لا يُسألُ في القبر إلّامن محضَ الإيمان محضاً أو محضَ الكفر محضاً والآخرون يلهون عنهم» (٤).
__________________
(١) لكسب معلومات أكثر راجع سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٣٦٧ مادة (قبر).
(٢) كالروايات القائلة : إنّ «القبر إما روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران» التي أشرنا إليها سابقاً ، فإنّها يحتمل أن تكون دليلاً على أنّ ضغطة القبر تنزل على القالب المثالي والروح وذلك لأنّ القبر المادي لا يتحول إلى جنّة أو حفرة من النار.
(٣) بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٦٦ ، ح ١١٢.
(٤) بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٦٠ ؛ اصول الكافي ، ج ٣ ، ص ٢٣٥ (باب المسألة في القبر ، ح ١).