أرواح البشر بعد موتهم لا تنفصل عن هذا العالم كلياً ، بل لديهم معلومات معيّنة عن هذا العالم ، كما أنّ الاتصال بهم ممكن أيضاً (ويوجد في هذا المجال تجارب وقصص كثيرة ، يخرجنا ذكرها عن صلب الموضوع).
ه) انتفاع الأرواح بأعمال الآخرين الصالحة
وهناك أمرٌ آخر تجدر الإشارة إليه وهو وجود روايات كثيرة وردت في مصادر إسلامية مختلفة ، دلّت على أنّ عمل الخيرات لأرواح الأموات تصل إليهم على شكل هدايا ، وهذا الأمر يدل من أحد جهاته على وجود عالم البرزخ ، ومن جهة اخرى على ارتباط الأرواح بهذا العالم.
جاء في الحديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام : «ما من عبدٍ زار قبر مؤمنٍ فقرأَ عليه انّا انزلناه في ليلة القدر سبع مرّات إلّاغفرَ الله له ولصاحب القبر» (١).
بل يستفاد من بعض الروايات : «أنّ المسيح عليهالسلام مرّ على أحد القبور فوجد صاحبه في العذاب ، وعندما مرّ في العام المقبل عليه وجده في النعيم ، فعندما سأل من الله عن ذلك خوطب بأنّ السبب في هذا هو فعل خيرٍ ادّاه ابنٌ مؤمن له ، وهو اصلاحه لاحد الطرق وإيواؤهُ يتيماً» (٢).
كما يستفاد من روايات متعددة أيضاً أنّ من سنَّ سنّة حسنة ، أو سنّة سيئة فله ثوابها أو عليه وزرها ، كما أنّ الحسنات الجارية تصل بركاتها إليه على الدوام (٣).
وجاء في الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «ستٌّ خصال ينتفع بها المؤمن من بعد موته : ولدٌ صالح يستغفر له ، ومصحفٌ يقرأُ فيه ، وقليب يحفره ، وغرسٌ يغرسه ، وصدقة ماءٍ يُجريه ، وسُنّةٌ حسنةٌ يؤخذ بها بعده» (٤).
__________________
(١) المحجّة البيضاء ، ج ٨ ، ص ٢٩٠.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٢٠ ، ح ١٥.
(٣) راجع ما جاء في الروايات المتعلقة بالسنّة الحسنه والسنّة السيئة في بحار الأنوار ، ج ٦٨ (طبعة الوفاء ـ بيروت) ص ٢٥٧ باب ٧٣.
(٤) بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٩٣ ، باب ١٠ ، ح ١.