وبناءً على هذا فإنّ وجوده في الجنّة لامانع منه (فتأمل).
فإن كان التأسف والحسرة ممّا ينجبر في هذه الدنيا فإنّه لا مجال لذلك هناك ، ولذا يجب أن يسمى ذلك اليوم بيوم الحسرة الحقيقية والحسرة الكبرى ، وقد جاء نفس هذا المعنى ولكن بصورة اخرى : (انْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنبِ اللهِ) (١). (الزمر / ٥٦)
* * *
١٢ ـ يوم التغابن
ورد هذا التعبير في القرآن مرّة واحدة وذلك في قوله تعالي : (يَومَ يَجْمَعُكُمْ لِيَومِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ الْتَّغَابُنِ). (التغابن / ٩)
«التغابن» : من مادة «غَبْن» وهنا جاءت بمعنى انكشاف الغبن ، أي يظهر في ذلك اليوم من هو المغبون (٢).
قال المرحوم الطبرسي في مجمع البيان : «وهو تفاعل من الغبن وهو أخذ شر وترك خير أو العكس ، فالمؤمن ترك حظه من الدنيا واخذ حظه من الآخرة فترك ما هو شرّ له وأخذ ما هو خير له فكان غابناً ، والكافر ترك حظه من الآخرة وأخذ حظه من الدنيا فترك الخير وأخذ الشر فكان مغبوناً ، فيظهر في ذلك اليوم الغابن والمغبون».
وفي صحاح اللغة «الغبن» بمعنى الخدعة والمكر ، والمغبون من وقع ضحية الخداع والمكر ، وعندما تستخدم في موارد التفكّر والتعقّل فإنها تعني الضعف وعدم الاقتدار ، لذا «غبين» جاءت بمعنى ضعيف الفكر.
على أيّة حال ففي يوم القيامة يكشف عن الحُجب وتظهر نتائج الأعمال والاعتقادات والنيّات ، ويرى الإنسان نفسه بين كميّة عظيمة من نتائج وآثار أعماله ، وهناك يُخبَر
__________________
(١) ورد أيضاً ما يشابه هذا المعنى في سورة الانعام الآية ٣١.
(٢) مفردات الراغب.