المسيئون عن خسارتهم وفشلهم وعن خداع ومكر الشيطان وعن ضياع رأس مالٍ عظيم وعن فقدانهم للسعادة الخالدة والوقوع في مخاطب العذاب الإلهي ، وهذا هو الغبن الحقيقي.
* * *
١٣ ـ يوم التناد
ورد هذا التعبير مرّة واحدة أيضاً في القرآن المجيد عندما كان مؤمن آل فرعون يحذّر الفراعنة من العذاب الإلهي الذي يحلُّ بهم في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : (وَيَاقَوْمِ إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ). (غافر / ٣٢)
«التناد» : جاء في الأصل من «التنادي» حذفت ياؤه واضيفت الكسرة في آخره للدلالة على حذف الياء ، وهو من مادة «نداء».
ذهب كثير من المفسرين إلى أنّ «يوم التناد» من أسماء القيامة (١) ، وجاء كل منهم بدليل لاثبات مدّعاه.
قال بعضهم : إنّ الدليل عليه هو أنّ أصحاب النار ينادون أصحاب الجنّة كما في الآية الكريمة : (وَنَادى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَليْنَا مِنْ المَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) فيجيبهم أهل الجنّة : (قَالُوا انَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ). (الاعراف / ٥٠)
نُقل هذا المعنى في كتاب «معاني الأخبار» خلال حديث روي عن الإمام الصادقعليهالسلام.
وقال آخرون : إنّ العلّة في هذه التسمية هي أنّ الناس في يوم الحشر ينادي بعضهم بعضاً يطلبون العون.
أو أنّ الملائكة تنادي الناس للحساب وينادي الناس الملائكة لطلب العون! أو لأنّ المؤمن عندما يرى صحيفة أعماله ينادي من شدة الفرح : (هَاؤُمُ اقْرَؤُا كِتَابِيَه). (الحاقة / ١٩)
وينادي الكافر عندما يُعطى كتابه بيده من شدّة الفزع : (يَالَيْتَنِى لَمْ اوْتَ كِتَابِيَه). (الحاقة / ٢٥)
__________________
(١) ادّعى الفخر الرازي في تفسيره (الكبير ج ٢٧ ، ص ٦١) الإجماع واتفاق المفسرين على هذا القول.