وعن المرحوم الطبرسي في مجمع البيان والعلّامة الطباطبائي في الميزان أنّهم قالوا : إنّ هذه الآية تدل على أنّ الإنسان لايحضر لوحده ويشاهد ذلك اليوم بل إنّ الجن والملائكة أيضاً سوف يحضرون ويشهدون ذلك اليوم فإنّه يوم الجمع الشامل (١).
وقال القرطبي أيضاً إنّ سكان السموات يحضرون ويشهدون ذلك اليوم أيضاً.
ومن البديهي أنّ جميع الأيّام يمكن مشاهدتها ، ولكن انتخاب هذا الوصف ليوم القيامة يقع تارةً من حيث الدلالة على حتمية وقوعه ، واخرى للدلالة على أهميّة تلك الأحداث التي تقع في ذلك اليوم والحضور الشامل لسائر الخلق فيه.
* * *
٢٢ ـ يومٌ معلوم
ورد هذا التعبير مرّة واحدة أيضاً في القرآن الكريم في جواب استفسار الكفّار عن الحياة ما بعد الموت ، قال تعالى : (قُلْ إِنَّ الْاوّلِينَ وَالْآخِرِينْ* لَمجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ). (الواقعة / ٤٩ ـ ٥٠)
إنّ العلم بذلك اليوم يمكن أن يكون له مفهومان :
١ ـ «العلم التفصيلي» أي العلم بذلك اليوم وتاريخ وقوعه الدقيق ، ونحن نعلم بأنّ هذا العلم يختصُ بالله تعالى ، ولا أحد يعلم بذلك حتى الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين ، لكنّه ثابت ومقطوع به ومعلوم من جميع الجهات في علم الله عزوجل.
٢ ـ «العلم الإجمالي» أي العلم بأنّنا سوف نواجه جميعاً مثل هذا اليوم ، فبما أنّ علمنا نابع من أعماق فطرتنا ـ كما سيأتي في الأبحاث اللاحقة إن شاءالله ـ ومع وجود الدلائل المتعددة عن طريق العقل التي يمكن أن يحصل عليها العالم والعامي بالإجمال ، وباضافة علم جميع الرسل والأنبياء ، يكون ذلك اليوم يوماً معلوماً وحتمياً وضرورياً وإن لم يعلم أحد تاريخه بالدقة.
وأكثر المفسرين رجحوا المعنى الأول ، لكن الأكثرية أخذوا بالمعنى الثاني واستدلوا
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٧ ؛ وتفسير مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩١ ورجّح «المراغي» هذا القول في تفسيره أيضاً.