على شمولية هذا العلم بكلمة «قُل» وذلك لأنّ مفهومها يتضمن تبليغ هذا الأمر للجميع(١). لكن يمكن الجمع بين التفسيرين في مفهوم الآية أيضاً.
إنّ الخطاب الذي يوجهه الينا تعبير (يوم معلوم) هو أن نكون صادقين في تعاملنا مع هذا اليوم وأن نتأهب للقائه ، وأن نعلم علم اليقين بأنّ القيامة على أيّة حال واقعة بجميع آثارها ونتائجها ، وهذا العلم واليقين له أثر كبير في التربية.
* * *
٢٣ ـ يوماً عبوساً قمطريراً
ورد هذا التعبير مرّة واحدة أيضاً في القرآن المجيد في نقل خطاب «الأبرار» (٢) عند قولهم : (إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً). (الانسان / ١٠)
كلمة «عبوس» هي من صفات الإنسان وهذا ممّا لا يحتاج إلى تفسير ، وتطلق هذه العبارة على الإنسان الذي تقطّب وجهه وكان حاله على غير مايرام ، ووصف ذلك اليوم ب «عبوس» كناية حيّة عن وضع ذلك اليوم الرهيب المرعب ، أي أنّ وقائع ذلك اليوم بلغت من الصعوبة والإيلام حدّاً كبيراً لا يكون الإنسان لوحده عبوساً في ذلك اليوم ، بل كأن اليوم بنفسه عبوسٌ مقطّبٌ بشدّة!
و «القمطرير» : عند كثير من المفسرين بمعنى «الصعب الشديد» أو الإنسان العبوس السّيئ الخلق ، وبناءً على هذا يكون مفهومه قريباً من مفهوم العبوس ، ثم إنّ هذه الكلمة مشتقة من مادة «قطر» على وزن «قفل» والميم زائدة فيها ، وقيل إنّها مشتقه من مادة «قمطر» (عى وزن خنجر).
على أيّة حال فإنّ التعبير المذكور يشير إلى أن أحداث ذلك اليوم تبلغ من الصعوبة والشدّة والألم درجة يجعل آثارها تظهر من بواطن الناس على وجوههم ، ويسيطر الخوف
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢٩ ، ص ١٧٢.
(٢) والمعلوم أنّ هذه السورة نزلت في بيان شأن الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين (سلام الله عليهم أجمعين) الذين هم في الركب الأول من «الأبرار والصالحين».