وسماءً جديدة تكونان أرقى وأعلا مرتبةً من سابقتيهما حتى تليق بطبيعة يوم القيامة.
وللمفسرين نقاش حول المُبدَّل ، هل هو ظاهر الأرض وصفتها أم هو ذاتها؟ فقال بعضهم : إن جميع الاجبال والغابات وغيرهاتُبدّل وتصبح الأرض مستوية بيضاء اللون كالفضة ، وكأنما لم يُرقْ على تلك الأرض دم ولم يرتكب عليها ذنب قط ، وتبدل السموات بذلك النحو أيضاً.
وقال البعض الآخر : إن هذه الأرض وهذه السماء تفنيان بالمرّة ويحلّ محلهما أرضٌ وسماءٌ جديدتان ، لكن هذا الاحتمال ـ كما أشرنا سابقاً ـ لايتلائم مع الآيات القرآنية الاخرى التي تتحدث عن قبور الناس وعن تراب ابدانهم التي تبقى كما كانت عليه ، فإن قيل إن تبديل الأرض هذا يتم بعد انتهاء الحياة البشرية ، قلنا إنّ هذا الكلام ينافي ذيل الآية ، لأنّ ظاهرها يدل على ظهور وبروز الخلق بعد تبديل الأرض. حيث قال الله تعالى : (وَبَرَزُوا لِلّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ). (إبراهيم / ٤٨)
* * *
٢٧ ـ يوم تمورُ السماءُ مَوراً
ورد هذا التعبير مرّة واحدة فقط في القرآن الكريم ، وقد جاء بعد بيان وقوع العذاب الإلهي حيث لا مانع ولا دافع لوقوعه ، قال تعالى : (إِنَّ عَذَابَ رَبِّك لَوَاقِعٌ* مَّالَهُ مِن دَافِعٍ* يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً* وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً). (الطور / ٧ ـ ١٠)
«المور» : على وزن «موج» وله معانٍ مختلفة ـ على حد قول أصحاب اللغة ـ : حيث جاء بمعنى الحركة الدائرية وبمعنى الموج وبمعنى الحركة السريعة وبمعنى الذهاب والاياب وبمعنى الغبار الذي يذهب به الريح في كل جانب (١) ، وأكثر المعاني مناسبةً هنا هو الحركة السريعة.
فمن الممكن أن تكون هذه الحركة بياناً لتلك الحركة السريعة نحو مركز الكون التي
__________________
(١) لسان العرب ؛ ومفردات الراغب ؛ وتفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٦٣ ؛ وتفسير روح البيان ، ج ٩ ، ص ١٨٩.