تحدث عند انقباض أجزاء عالم المادّة كما أشرنا إليها في الصفحات السابقة ، ومن الممكن أيضاً أن تكون بياناً لحركة العالم المستديرة في مسير انبساط وانقباض المجموعة الكونية.
وقال الفخر الرازي خلال تعليقه على هذه الآية : وقوله (وتسير الجبال) يُحتمل أن يكون بياناً لكيفيّة مور السماء ، وذلك لأنّ الجبال إذا سارت وسير معها سكّانها يظهر أنّ السماء كالسيّارة إلى خلاف تلك الجهة كما يشاهده راكب السفينة ، فانّه يرى الجبل الساكن متحرّكاً (١).
مفهوم هذا الكلام هو أنّ السموات ثابتة في الحقيقة ولكنّها تبدو للانظار متحركة ، لكن هذا على خلاف ظاهر الآية.
٢٨ ـ يوم تشقَّقُ السماءُ بالغمام
٢٩ ـ يوم تشققُ الأرض عنهم سراعاً
هذان التعبيران عن يوم القيامة متشابهان في أحد أبعادهما.
ففي الآية الاولى قال تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمَامِ). (الفرقان / ٢٥)
وفي الآية الثانية قال تعالى : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً). (ق / ٤٤)
إنّ انشقاق الأرض من فوق الناس له مفهوم واضح وهو بيان لزلزال القيامة الذي يشق القبور ويحيى الناس بأمر الله ويخرجون بسرعة للحساب والجزاء.
أمّا تمزق السموات بالغمام فيمكن أن يكون بياناً للانفجارات الهائلة التي تحدث في الأجرام السماوية عند فناء الكون وأنّ الغمام الحاصل من هذه الانفجارات يملأ السماء (هذا على أنّ «الباء» في «بالغمام» باء الملابسة أي يلابس ويصطحب مع الغمام).
أو أنّ السموات أي «الأجرام السماوية» تتمزق بتأثير الغيوم التي تحمل أمواجاً قوية هائلة حاصلة من الانفجارات النووية أو غيرها (وفي هذه الحالة تكون الباء سببية) (٢) ـ (٣).
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢٨ ، ص ٢٤٣.
(٢) قال بعض المفسرين إنّ «الباء» بمعنى «عن» فيكون المعنى هو أن تتمزق وتتنحى عن واجهة السماء لكن هذا المعنى بعيد جدّاً.
(٣) «الغمام» من مادة «غم» بمعنى الحجب ، ومن حيث إنّ الغيوم تحجب السماء فإنّهم اطلقوا عليها «الغمام» ومن حيث إنّ الهم والحزن يملاً قلب الإنسان فإنّهم اطلقوا على ذلك الغم.