وفي الآية الثانية قال تعالى : (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ). (الطور / ٤٥)
«يصعقون» : من مادة «اصعاق» اشتقت في الأصل من «الصاعقة» ، وبما أنّ الصاعقة لها صوت عظيم بالإضافة إلى أنّها مهلكة فقد فُسِّرت هذه الجملة بهذين المعنيين معاً ، فإن كانت بمعنى الهلاك فتكون دليلاً على إرادة النفخة الاولى وفناء الكون ، كما جاء في الآية : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّموَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ). (الزمر / ٦٨)
وإن كانت كلمة (صعق) بمعنى الصوت فإنّها من الممكن أن تكون دليلاً على النفخة الاولى أو الثانية التي هي نفخة يوم القيامة ، فعلى هذا تكون مرادفة للآية السابقة.
ورجّح كثير من المفسرين المعنى الأول ، وفي نفس الوقت لم يهجروا المعنى الثاني (١).
وأمّا ما احتمله البعض من أنّ الآية تشير إلى هلاك مجموعة من المشركين في غزوة بدر فيبدو بعيداً جدّاً (بدليل الآية ٦٨ من سورة الزمر التي مرّ ذكرها).
٣٤ ـ يوم يُنفخُ في الصور
ورد هذا التعبير أربع مرات في القرآن المجيد ففي الآية الاولى قال تعالى : (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ). (الانعام / ٧٣)
وفي الآية الثانية قال تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الُمجرِمِينَ يَؤمَئِذٍ زُرْقاً). (طه / ١٠٢)
وفي الآية الثالثة قال تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّموَاتِ وَمَن فِى الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللهُ). (النمل / ٨٧)
وفي الآية الرابعة قال تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأتُونَ افْوَاجاً). (النبأ / ١٨)
يتحدث القرآن المجيد ـ كما سيأتي في بحث «نفخ الصور» إن شاء الله ـ عن نوعين من
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٦٩ ؛ وتفسير القرطبي ، ج ٩ ، ص ٦٢٤٧ ؛ وتفسير روح المعاني ، ج ٣٧ ، ص ٣٤ ؛ وتفسير الميزان ، ج ١٩ ، ص ٢٣ ؛ وتفسير روح البيان ، ج ٩ ، ص ٢٠٥.