٣٥ ـ يومٌ كان مقدارُهُ خمسين الف سنةٍ
وصف القرآن المجيد وفي آيتين يوم القيامة بأنّه يومٌ طويل للغاية ، قال الله تعالى في أحد الآيتين : (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ). (المعارج / ٤)
وقال في محلّ آخر : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ). (السجدة / ٥)
لا شك في أنّ الآية الاولى تختص ببيان يوم القيامة ، والآيات التي أتت بعدها تتعرض لصفات القيامة ولعذاب المجرمين في ذلك اليوم وكذلك إلى أوصاف جهنم.
وقد اختلف المفسرون في مورد الآية الثانية فهناك عدة آراء (١) فالبعض قالوا : إنّها إشارة إلى المنحنى النزولي والصعودي للتدبير الالهي في هذه الدنيا ، أو بتعبير آخر إشارة إلى مراحل التدبير الإلهي في هذا العالم والتي تتم كل مرحلة منها في مدّة الف عام على يد الملائكة المكلّفين بأمرٍ من الله بإجراء هذا التدبير التكويني ، ثم بعد انتهاء هذه المرحلة تبدأ مرحلة اخرى وهلمّ جرّا.
لكن بعد البحث في الآيات القرانية التي تحدثت عن انطواء السماء والأرض ، وكذلك الروايات التي وردت في شرح هذه الآية يفهم منها أنّها تتحدث عن يوم القيامة.
ولذا رجّح المرحوم العلّامة الطباطبائي في الميزان هذا التفسير أيضاً بعد أن ذكر عدّة احتمالات لهذه الآية (٢).
لكن يبقى هنالك سؤال وهو كيف قُدِّر ذلك اليوم في الآية الاولى بخمسين الف سنة ـ من سنين الدنيا ـ وفي الآية الثانية بالف سنة؟
اجيبَ بوضوح عن هذا السؤال في حديثٍ نقله المرحوم الشيخ الطوسي في أماليه عن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال عليهالسلام : «إنَّ في القيامة خمسين موقفاً ؛ كُلُّ موقفٍ مثلُ الف سنةٍ ممّا
__________________
(١) ذكر الآلوسي في تفسير روح المعاني ، ج ٢١ ، ص ١٠٧ سبعة تفاسير للآية ، أحدها هو القيامة.
(٢) تفسير الميزان ، ج ١٦ ، ص ٢٦١ ، وجاء نفس هذا المعنى أيضاً في تفسير ظلال القرآن ج ٦ ، ص ٥١١.