تعدون ثم تلا هذه الآية : (فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ).
والكلام في أنّ العددين (الف وخمسين الف) سنة هل جاءت هنا لبيان العدد أم للدلالة على الكثرة؟ فيه احتمالان ، ولكن على أيّة حال فإنّ مضمون خطاب هذه الآية هو أنّ ذلك اليوم يومٌ صعبٌ جدّاً ومعضل ، ولا يتيسر لأحد تجاوزه بسهولة ، ويجب على الجميع أن يتأهبوا لمثل هذا اليوم الطويل الملي بالمخاطر.
وهناك أمرٌ يثير الاهتمام وهو أنّ اليوم (أي دوران الكواكب السماوية حول محورها دورة كاملة) يختلف تماماً من كوكب لآخر ، فالكرة الأرضية تدور حول محورها في كل ٢٤ ساعة دورة كاملة بينما تطول مدة الدوران الموضعي في القمر لمدّة شهر تقريباً (فالنهار فيه يبلغ اسبوعين والليل فيه يبلغ اسبوعين تقريباً) وهكذا الحال في الكواكب الشمسية الأخرى فكل منها له ليلٌ ونهار يختص به ويمتد زمانه بمقدار متميز ، والآن في هذا الزمان من الممكن أن تكون في عالم الوجود كواكب يمتد دورانها الموضعي إلى مئات أو الاف من السنين ، بناءً على هذا فلا عجب من أن يكون امتداد كل يوم في القيامة يعادل خمسين الف سنة.
ونواصل التأكيد على أنّ هدف القرآن الرئيسي هو الجانب التربوي الكامن في مثل هذه التعبيرات.
* * *
القسم الثالث :
٣٦ ـ يومَ يكونُ الناسُ كالفراشِ المبثوث
كل ما قرأنا لحد الآن في وصف ذلك اليوم كان يتحدّث عن الوقائع المزلزلة التي تقع في مقدمة ذلك اليوم في عالم الدنيا وإن كل وصف يحمل في طياته خطاباً خاصاً ، ففي الوصف الأخير طرحت مسألة طول وامتداد ذلك اليوم وهذا أيضاً يحمل انذاراً متميزاً.
والآن نذهب صوب الأوصاف التي تصوّر حال الناس في ذلك اليوم ، ونلتفت إلى أنَ