ينتشر بكثافة في السماء ، والبعض فسّرها بمعنى البعوض الذي يطير على شكل أفواج ، ولكن أغلب المفسرين واللغويين فسروها بذلك المعنى وهو الفراش ، على الأخص ما قاله «الخليل بن أحمد» في كتاب «العين» فإنّه قال : «الفراشُ التي تطيُر طالبةً للضوء» وقال في صحاح اللغة أيضاً : «الفراش» جمع «فراشة» تلك الحشرة الطائرة التي تطير وتقع في النار.
* * *
٣٧ ـ يوم تبلى السرائر
٣٨ ـ يوم هم بارزون
هذان الوصفان يبينان خلال تعبيرين اثنين حقيقة واحدة عن ذلك اليوم العظيم (وقد وردا في الآية ٩ من سورة الطارق والآية ١٦ من سورة المؤمن) ، ويقرران أمراً خطيراً إذا ما آمن به الناس كان له أثر عميق في تربيتهم.
ففي ذلك اليوم لا تخفى خافية ؛ وذلك لارتفاع الاستار الطبيعية مثل الجبال والتلال ، وتكون الأرض كما أشار إلى ذلك في الآية : (قَاعاً صَفْصَفاً) ، (أي صافية خالية من المرتفعات). (طه / ١٠٦)
ومن ناحية اخرى يخرج الناس من القبور وتُخرج الأرض ما في باطنها : (وَأَخْرَجَتِ الْارْضُ أَثْقَالَهَا). (الزلزال / ٢)
وثالثة ، تنشر صحف أعمال الناس والامم ويُعلن عن محتواها أمام الملأ : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ). (التكوير / ١٠)
وتنطق الأيدي والأرجل وجميع الجوارح حتى الجلود ، وتبدأ بالعويل واعلان الفضائح.
فالأرض والدهر كلها تنطق وشهداء الأعمال يشهدون على أعمال الناس ، ففي ذلك اليوم يعلن أمام الملأ حتى عن نيّات الناس واعتقاداتهم فضلاً عن أعمالهم ، إنّه يوم الفضيحة الكبرى للمسيئين ويوم الفخر العظيم للمحسنين حقاً.
ويجب الانتباه إلى أنّ «تُبلى» من مادة «بلاء» بمعنى الامتحان وبما أنّ حقائق الأشياء تظهر عند الاختبار فقد فُسِّر البلاء هنا بمعنى الاتضاح.