جاء في الحديث عن «معاذ بن جبل» أنّه قال : (سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وما هذه السرائر التي تبلى بها العباد في الآخرة ، فقال : «سرائركم هي أعمالكم من الصلاة والصيام والزكاة والوضوء والغسل من الجنابة وكل مفروض لأنّ الأعمال كلها سرائر خفية فإن شاء قال الرجل صليت ولم يصل وإن شاء قال توضأت ولم يتوضأ ، فذلك قوله يوم تبلى السرائر» (١).
والجدير بالذكر هو أنّ ما جاء في الحديث الشريف المذكور هو بيان أمثلة من هذه الحقيقة الكلية ، وإلّا فإنّ الآية الشريفة تشتمل على جميع «العقائد» و «النيات» وأعمال الناس» سواء الحسن منها أم السيء.
ومن هنا يظهر أنّ العناوين البراقة الكاذبة التي حصلت عليها الكثير من الشخصيات بواسطة التضليل والتستر في هذه الدنيا سوف تذهب هباءً بفعل زوابع المحشر وتحل محلها الفضيحة العظمى ، وما أروع من سقوط هؤلاء الأفراد وأصحاب الواقع السي المتلبسين بالظاهر الأنيق ، من اوج العزّة والكرامة إلى قعر الذّلة والمهانة!
وما أحلى الكرامة التي حاز عليها المؤمنون المخلصون الذين لم يراؤوا وحافظوا على اخفاء ارتباطهم بالله في هذه الدنيا وما أجمل ظهورهم في ذلك اليوم وجلوسهم على عرش العزة والعظمة!
هذا هو النداء الذي يقدّم لنا الوصف المذكور أعلاه وهو انذار لجميع الناس العالِم منهم والجاهل.
* * *
٣٩ ـ يوم ينظُرُ المرءُ ماقدَّمت يداه
٤٠ ـ يوم تجدُ كُلُّ نفسٍ ما عَمِلَت من خيرٍ مُحضراً وما عملت من سوءٍ
هذان التعبيران أيضاً يوضحان أحد الحقائق التي صُبَّت في قالبين ، ويبينان حقيقة مهمّة اخرى لذلك اليوم تقصم الظهر وتزلزل القلوب وتجعل الإنسان يسرح في تأمّل عميق.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٧١.