يجعله ينسى أعزّ أحبائه ، فهو لا يهتم بالأبناء ولا بالزوجة ولا بالوالدين ولا بأعز الأصدقاء ، ولا يهتم إلّابانقاذ نفسه لا غير.
وجاء في الحديث الشريف : «كُلُّ احدٍ يقولُ يومَ القيامة نفسي نفسي من شدّة هول يوم القيامة سوى محمد صلىاللهعليهوآله فإنّه يُسألُ في امته» (١).
* * *
٤٥ ـ يومَ يقومُ الناسُ لِرَبِّ العالمين
هذا التعبير في الواقع هو توضيح لاسم (القيامة) في قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ). (المطففين / ٦)
إنّه قيام يدل على جدّية الموقف في ذلك اليوم ، ودليلٌ على الحضور في محكمة كبرى ، ودليل على خضوع جميع الأعمال للحساب.
ومن الجدير بالذكر أنّ القرآن المجيد أتى بهذا التعبير في سورة المطففين لتحذير وتنبيه الذين يبخسون الميزان ، قال تعالى : (أَلَا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) ثم يضيف (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَميِنَ). (المطففين / ٤ ـ ٥)
أي أنّهم لو كانوا على يقين بأنّ مثل هذا «الحضور» و «القيام» في يوم كهذا واقع حتماً لما ارتكبوا السيئات أبداً ، ولكن للأسف أنّ حب الدنيا والغفلة والغرور وطول الأمل ظلل على أفكارهم وقلوبهم وأرواحهم ظِل الشؤم والظلام ممّا جعلهم يغفلون هذه الحقائق.
جاء في احدى الروايات «عن إبن عمر وهو من أصحاب الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه وعند قراءته لسورة المطففين : لمّا بلغ قوله (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمينَ) بكى بكاءً شديداً أعجزه عن مواصلة القراءة» (٢).
* * *
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٦ ، ص ٣٨٠٩.
(٢) تفسير الكبير ، ج ٣١ ص ٩٠ ؛ تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٧٠٤٦.